?>

جذور أطلسية

تعلمون أن التاريخ يحيلنا عند البحث في أغواره إلى الحضارة الأطلسية التي كانت موجودة قبل انشقاق البحر و انفصال البحر الأبيض المتوسط عن المحيط الأطلسي وتشكل القارات. هذه الحضارة القديمة التي ينتمي إليها شعب الأمازيغ، والتي مازالت تحدد خصائصه ومقوماته الأنتروبواوجية و الثقافية.

فالتحم الأطلس الكبير بالمحيط الأطلسي في مركز المغرب الأقصى ليكون إحدى النقط الاستراتيجية الكبرى في علاقة القارات وتصارعها وتحرك ساكنتها و تصارع أقطابها لتصبح إحدى محددات العلاقة الكونية الكبرى و تقاسم النفوذ عبر العالم.

و لم يبق لي أمام اشتداد هذا الصراع الذي ينتج مخاطر التلوث ومخاطر تدمير البيئة بجميع مكوناتها، إلا التمسك بحقي في البحر للخيال والراحة و الاطمئنان شريطة الابتعاد عن مخاطره.

لانني أحب البحر، وكلما سمحت لي ظروف العمل بالراحة، إلا وفضلت قضاء أوقات فراغي القليلة والثمينة على شط البحر. ومن هنا تربى لدي الإحساس، ومنذ نعومة أظافري،الحرص على حماية البيئة وترشيد استغلال مواردنا الطبيعية.

فشواطئنا تمتاز بالدفء والتنوع وبرمالها الذهبية وبمناظرها الطبيعية الخلابة وبجيوبها المائية الدافئة، واستطاعت أن تستقطب أفواجا كبيرة من السواح الدوليين والوطنيين .

وقد حبى الله منطقتنا بواجهة أطلسية غنية، حيث يمتد إقليم تيزنيت بالخصوص على شريط ساحلي يناهز طوله 120كلم، وتختزن مياهه الإقليمية ثروة سمكية مهمة، ومتنوعة ذات قيمة تجارية عالية، مما يجعل الصيد البحري قطاعا أساسيا في النشاط الاقتصادي المحلي.

وحرصا على حماية بيئتنا الطبيعية من الاستغلال المفرط، فمن مصلحتنا تهييئ المواقع السياحية، والإسراع في تحديدها وحمايتها من كل تشويه أو من استهلاك غير نافع، وغير ذلك من المخاطر التي تعتبر سياسة إعداد التراب الوطني أداة حمائية منها.

فالساحل الأطلسي يشكل بشكل عام وسطا تتراكم فيه كل ضغوطات النمو الاقتصادية والديموغرافية، وتتضاعف فيه المنافسة بشكل قوي حول المجال.

وبما أن الساحل عبارة عن أشرطة كثبان رملية، فإن توازنه يتعرض باستمرار للاختلال من جراء تفاعل عوامل عديدة، منها التعرية الساحلية أو الاستغلال المفرط للرمال والتلوث البشري والتوسع الفوضوي للسكن الدائم أو الثانوي.

أحب البحر والشاطئ. فالبحر يوحي بجو الخلوة والتأمل ومراجعة النفس. فالانسان يحتاج أحيانا لوحدة تأملية لمراجعة الذات والحسم في بعض المسائل العالقة.

جو البحر وزرقة الماء هي أكثر الأجواء الطبيعية جاذبية، فهي توحي لي براحة النفس والهدوء والسكينة. وفي هذه الأجواء أحب أن أستعيد حيويتي واستمتع بالقراءة والتأمل.

لكن هشاشة هذا المجال المتميز، وحدة مشاكله تدعو إلى اليقظة والحرص على يرث أبنائنا وحفدتنا هذا المجال في أحسن ظروف التجدد والاستدامة.

فمن الضروري إذن حماية المواقع الحساسة وممارسة المراقبة الصارمة على المجالات المستعملة مع إيلاء الأهمية الخاصة لمحاربة التلوث البشري و تعزيز قوانين البناء.

الموقع الرسمي للمستشار البرلماني عبداللطيف أعمو © www.ouammou.net © 2012