?>

حفل تكريم الاستاذ أحمد أبادرين بمراكش

hommage abadarine2

بدعوة من أصدقاء وصديقات وزميلات وزملاء الاستاذ أحمد أبادرين، شاركت بمداخلة في الحفل التكريمي للمحتفى به، الذي احتضنه نادي المحامين بمراكش في 24 دجنبر 2022.

خلال الحفل التكريمي للاستاذ احمد أبادرين المتعدد – المتميز – الكوني، المحامي والحقوقي بمدينة مراكش، ساهمت بجانب أصدقاء وصديقات وزميلات وزملاء المحتفى به، وبمشاركة ثلة من المحامين والمثقفين والمناضلين بمداخلة شفوية، تحدثت فيها عن التجربة الحقوقية في المغرب ومسامهة المحتفى به في مسارها الشاق والطويل، حاولت تجميعها وتحيين أفكارها، تعميما للفائدة،

وأعيد نشرها صحبته، عرفانا بما بذله  المحتفى به من جهود وتضحيات من أجل النهوض بحقوق الانسان الكونية والدفاع عنها طيلة 45 سنة حافلة بالحضور الدائم في كل المحطات، حيث شاركت بمعية الذين تقاسموا مع أبادرين مهنة البذلة السوداء بمختلف المحاكم،  وشاركوا المكرم واجهات حقوقية او محطات نضالية.

IMG_20221224_181810

تعتبر مناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان في كل سنة (10 دجنبر)  فرصة لتقييم الوضع الحقوقي بشكل عام بغية تحسين أوضاع حقوق الإنسان وصيانة المكتسبات ورصد الاختلالات وأوجه الخصاص وتقديم الاجوبة المناسبة لها.

ولقد صادفت مناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية لهذه السنة مبادرة صفوة من الأصدقاء وزملاء الاستاذ أحمد أبادرين إلى تنظيم حفل تكريمي له، باعتباره أحد الأعمدة الذين قدموا الكثير في مجال حقوق الانسان، واختاروا لمبادرتهم هاته شعار: “رؤى متقاطعة لحقوق الانسان: الواقع  والرهانات المستقبلية”.

وهي فرصة لتبادل الرؤى والآراء وتجديد النفس والتطلع نحو مستقبل واعد بثقة وإصرار كبيرين.

فإذا كان الاستاذ أحمد أبادرين معروفا كحقوقي قبل أن يصبح محاميا، طيلة مساره الدراسي، فإنه لم يبخل قط بمجهوداته وبعطاءه الإنساني لتنظيم زيارات حقوقية للمعتقلين السياسيين داخل السجون، خاصة لمعتقل مكناس،  وانخراطه في المسار التنظيمي للحركة الحقوقية خلال فترة السبعينات والثمانينات، ثم تأسيس جمعية حقوقية تعنى بالدفاع عن المعتقلين السياسيين ، سميت ب “لجنة الدفاع عن حقوق الانسان”

فبرز شأنه أكثر إثر انتفاضة سنة 1984 بمراكش والدار البيضاء، حين تعرض للمطاردة والاعتقال والتحقيق معه في عدة مناسبات.

ولم يمنعه ذلك من جعل مكتبه ملجأ لكل الضحايا وعدد من المنظمات الحقوقية الدولية منها والوطنية.  وبقي وفيا لمساره النضالي والحقوقي إلى الآن.

فأصبح بذلك مرجعا لتقييم الآراء والمسارات في خضم التطورات السريعة والتحولات التي يعرفها المجتمع المغربي سياسيا واقتصاديا واداريا وبنيويا.

لذلك، كان من الأوائل الذين سبقوا إلى طرح علاقة القانوني بالحقوقي من منظور فلسفي، وأبان عن اجتهاد حقوقي متميز، في ظل أوضاع لا تحتمل العنف، بقدر ما هي في حاجة إلى مزيد من الحريات والتأطير.

وفي هذا الإطار، فأنا سعيد بتلبية الدعوة للمشاركة في هذا اللقاء التكريمي، وأود بالمناسبة أن أتقاسم معه، ومع الحضور الكريم، بعض الرهانات الحقوقية المستقبلية، والتي يمكن ملامستها واستخلاصها من المسار الذي عرفته البلاد، منذ بداية تنفيذ الدستور الجديد.

وهو ما أدى إلى بروز مواضيع جديدة بجانب الجيلان الأول والثاني من حقوق الانسان، مثل حماية حقوق الأشخاص المسنين، الحقوق البيئية، حقوق الإنسان والرقمنة، حقوق الإنسان في الفضاء المقاولاتي، التأهيل القانوني للفقراء، قابلية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للتقاضي… وغيرها من الرهانات الحقوقية الجديدة ذات الآنية …

ومعها، استمرت التحديات بشكل أصعب وأقسى في مواجهة انتشار الشعبوية والتحريف والعنصرية الاجتماعية والإنسانية عبر العالم، وانتعاش خطابات التمييز واحتقار الشعوب والحضارات. كل ذلك في عمق الأنظمة الديمقراطية التقليدية، والحضارة الغربية التي تتبنى أكثر فأكثر توجهات منغلقة ةال توجهاتالتي تتبنى مجردة من الانسانية والكرامة الكونيتين.

وفي هذا السياق، يظهر أن هناك حاجة إلى فتح واجهات متعددة للدفاع عن المكتسبات والعمل على تعزيزها، من خلال عدة مجالات، ومنها:

(1) الاهتمام أكثر بالمساواة والمناصفة

وفي هذا ترجمة لقضايا المساواة والمناصفة، ترجمة حقوقية، باعتبارهما أهدافا ذات طبيعة دستورية، بعد إدراجهما في دستور المملكة لسنة 2011.

فمنذ سنة 1995، أقرت 189 دولة عضوا في الأمم المتحدة، إعلان بيجين وأرضية العمل الخاصة به، لتأطير إدماج مقاربة النوع الاجتماعي ضمن السياسات والاستراتيجيات والبرامج المتبعة في كافة الدول.

وقد دعا الإعلان الدول الأعضاء إلى النهوض بالأهداف المتمثلة في المساواة والتنمية والسلم، لفائدة كافة النساء، وذلك من خلال التأكيد على أن الحقوق الأساسية للنساء والفتيات في شموليتها، غير قابلة للتصرف، وهي جزء لا يتجزأ من المنظومة الكونية لحقوق الإنسان.

وعلى الرغم مما تحقق من تقدم في هذا المجال، فإن الإنجازات ما تزال بعيدة كل البعد عن الطموحات التي تم تحديدها، وبالخصوص من خلال اعتماد ميزانيات تأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع الاجتماعي. هذا بجانب:

  • اعتماد قانون خاص بخادمات البيوت
  • إعداد قانون خاص بمناهضة العنف ضد النساء
  • تنصيب هيأة للمناصفة ومناهضة كافة أشكال التمييز، باعتبارها هيأة دستورية.

وفي هذا الاطار، نظمت حملة امتدت لـ 16 يوما من 25 نونبر إلى غاية الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الانسان، ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتي انطلقت بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، حيث دعت وكالات أممية مختصة إلى تكثيف العمل من أجل القضاء على العنف ضد النساء والفتيات، وتظل ظاهرة العنف ضد النساء في المغرب مقلقة ومثيرة للجدل، خصوصا بعد تسجيل النيابة العامة لـقرابة 24 ألف قضية في سنة 2021، ويعد العنف ضد المرأة حاجزا أمام تحقيق الأمن الاجتماعي، وعائقا أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة. كما يعتبر زواج القاصرات نوعا من العنف الممارس ضد الفتيات، الموصوف بـ “العنف القانوني” والذي يعد انتهاكا لحقوق الفتاة وحرمانا لها من حقها في النمو السليم، وفي بناء شخصيتها المستقلة.

ولا شك أن المكتسبات الدستورية ذات الصلة بالمساواة بين الجنسين، وما تلاها من إصلاحات تشريعية ومؤسساتية، شكلت تراكمات إيجابية انعكست بشكل عام على وضع المرأة المغربية، حيث تم إدماج الاهتمام الفعلي بقضايا المساواة بين الجنسين ومحاربة كافة أشكال التمييز ضد النساء والفتيات في الدينامية الوطنية العامة المرتبطة بحقوق الإنسان بالمغرب وفي السياسات العمومية والبرامج وخصوصا الخطط الحكومية للمساواة “إكرام 1” و “إكرام 2”.

لكن هذه الجهود ما زالت محتشمة ومحدودة. ومن هنا تظهر أهمية وملحاحية تعديل وملائمة القوانين الوطنية والتشريعات الأساسية مثل مدونة الأسرة بعد تصديق المغرب على اتفاقية سيداو واتفاقية حقوق الطفل.

 (2) إنصاف الأمازيغية كلغة وكثقافة في ملك كل المغاربة

هناك حاجة ماسة إلى مزيد من إنصاف الامازيغية كلغة ووجدان وثقافة وكمحرك للمشاعر والتضامن والتعايش والأخوة.

فإذا كان خطاب أجدير قد أسس لمشروع يبرز الهوية الجماعية الوحدوية للشعب المغربي المندمج في كيانه الوطني والترابي والمجالي،  فإن الدستور 2011 أسس لإطار تفعيل مبادئ الخطاب المذكور من خلال دسترة الامازيغية كلغة وطنية، ومن خلال وضع آليات لتفعيل الطابع الرسمي لها في جميع المجالات.

ويتعين هنا إعطاء دفعة جديدة لثقافتنا الأمازيغية، التي تمتد جذورها في أعماق تاريخ الشعب المغربي؛ باعتبار النهوض بالأمازيغية جزء من المشروع الحداثي الديمقراطي ببلادنا.

فأضحى من الضروري تسريع وتيرة تحقيق وترسيخ المبادئ المذكورة وأهدافها، خصوصا، وأن ما أفرزته تجربة المغرب مؤخرا في المجال الكروي، إثر المكانة الرفيعة التي حققها المغرب والصورة الشفافة الدالة عن التنوع والغنى البشري والثقافي، وعن حقيقة العمق الحضاري والثقافي للمغرب أمام شعوب العالم، بمناسبة مباريات كأس العالم لكرة القدم في قطر، محفز على المضي في مسار رفع سقف المطالب، انطلاقا من تعميم تدريس الأمازيغية وإدماجها الفعلي في الحياة العامة المغربية وإقرار رأس السنة الأمازيغية (إيض ن يناير) عطلة رسمية…

(3) رفع الرهانات المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة 2030

لقد توجت قمة الألفية المنعقدة في شتنبر 2000 في نيويورك، باعتماد الدول الأعضاء 189 لإعلان الألفية، الذي تم التنصيص فيه على الأهداف الإنمائية على الصعيد الدولي.

وتعرف أهداف التنمية المستدامة (SDGs) رسميًا بجدول أعمال 2030 للتنمية المستدامة. وهي عبارة عن مجموعة من 17 هدفًا وُضعت من قِبل منظمة الأمم المتحدة، ووردت في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 شتنبر2015 حيث أصبحت في يناير 2016، مدرجة كخطة للتنمية المستدامة في أفق 2030.

وتعكس هذه الأهداف رغبة المجموعة الدولية في الالتزام بتقليص نسبة الفقر إلى النصف، وتوفير التعليم الابتدائي للجميع، وكذا النهوض بالمساواة بين الجنسين، وتمكين النساء من الاعتماد على الذات، وذلك في أفق 2030.

إلا أن التقارير المتوفرة حول تشخيص واقع الحال إلى غاية اليوم ما زالت غير مطمئنة في تحقيق الأهداف المذكورة في موعدها.

مما يجعل مهمة حركة حقوق الإنسان أكثر إلحاحا وإصرارا وآنية، في أفق ضمان تحقيق الأهداف التنموية في موعدها، من خلال تنويع أنشطتها وتدخلاتها والضغط الكثيف على أصحاب القرار، وحثهم على وجوب إثبات مصداقية حمل شعار “الدولة الاجتماعية” مع الضغط للعمل على رفع شعارات وأهداف قابلة للتحقيق من خلال:

  • بناء مغرب مزدهر يخلق الثروات وفرص عمل،
  • بناء مغرب دامج يوفر الفرص والحماية،
  • بناء مغرب مستدام يحرص على المحافظة على الموارد،

(4) رفع رهانات التنمية

النموذج التنموي المتعاقد عليه هو الذي يحدد الانتظارات وأشكال التنظيم ووسائل التنفيذ للخيارات الإستراتيجية، ورسم الأولويات التي ينبغي أن تنصب عليها السياسات العمومية لقيادة البلاد نحو تحقيق التقدم، في إطار سياسي ديمقراطـي يترجم القدرة على الجذب والاقناع دون الإرغام والقهر أو التهديد والضغط (القوة الناعمة).

وكيفما كانت مواقف الفصائل الحقوقية المتنوعة وتخوفها من العجز الذي يحدق بالمسار الإصلاحي بشكل عام، بالنظر إلى نوعية الفاعلين السياسيين، فإن الواجب يقتضي الالتفاف حول الرهانات الحقوقية المرتبطة به تفاديا لضياع الفرصة وإهدار الوقت والزمن الحقوقي، وذلك من خلال:

  • معالجة التفاوتات المجالية

وذلك، باعتماد مقاربة حقوق الإنسان في المرافق العمومية بشكل عام، وبشكل خاص في العرضين التعليمي والصحي، مما سيكون له انعكاس إيجابي على الخدمات المقدمة للمرتفقين، باعتبار المرفق العمومي رافعة لتقليص التفاوتات وتعزيز التضامن، والتلاحم الوطني.

  • التوجه الحقيقي نحو الدولة الاجتماعية

وذلك بتعزيز وتقوية ركائز الدولة الحامية والمعززة للحقوق، من خلال وضع ملامح وعناوين الدولة الاجتماعية بشكل قوي، مما يمكن كل المواطنين من المساهمة في تحقيقها، ثم تكريس التوجه نحو التنمية البشرية، باعتبار القوة الدافعة لكل تنمية حقيقية تكمن في العنصر والرأسمال البشري.

  • إقرار نظام جبائي عادل ومتضامن

يضع مكانة الدولة في الصدارة لضمان نجاعة وفعالية الخدمات العمومية للجميع.

  • الانخراط في معركة تصحيح المفاهيم والاتجاهات

على أساس القيم المثلى لحقوق الانسان الكونية وتنمية الفكر ومواجهة العنف والتعصب والتحريف الهوياتي.

  • مواجهة التيارات اليمينية المتطرفة وكل مظاهر العنصرية

وذلك، بالتسريع باعتماد مشروع القانون رقم 72.17 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة، بما يضمن تمتع المهاجرين بحقوقهم الأساسية المنصوص عليها في الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، مع مراعاة المقتضيات الدستورية والمبادئ المتضمنة في الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية؛

  • الاهتمام بالعلاقة بين التاريخ وحفظ الذاكرة

ضرورة الارتكاز على حفظ الذاكرة والنهوض بالتاريخ المغربي بكل روافده لبلورة النموذج التنموي المختار، في إطار منهجية عمل حاضنة للطاقات الخلاقة من مختلف الجهات، ومنفتحة على المؤسسات الوطنية المتعددة.

  • الانخراط في حملة ” الكرامة والحرية والعدالة للجميع”

وذلك، بجعل سنة 2023 سنة تعبئة قوية من أجل إطلاق سراح كل معتقلي الرأي واحترام حرية التعبير وحرية الصحافة، باعتبارها مصدر إلهام للتصحيح والتنوير والتربية على حقوق الإنسان،  وجعل الذكرى السنوية 75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الانسان، منطلقا جديدا مع المنتظم الدولي للدفاع عن الكرامة.

عبد اللطيف أعمو

ولتحميل نص المداخلة بصيغة PDF

انقروا فوق العنوان أسفله:

رؤى متقاطعة لحقوق الإنسان: الواقع والرهانات المستقبلية 

ذ. عبد اللطيف أعمو

محام بهيئة أكادير









الرجاء من السادة القراء ومتصفحي الموقع الالتزام بفضيلة الحوار وآداب وقواعد النقاش عند كتابة ردودهم وتعليقاتهم. وتجنب استعمال الكلمات النابية وتلك الخادشة للحياء أو المحطة للكرامة الإنسانية، فكيفما كان الخلاف في الرأي يجب أن يسود الاحترام بين الجميع.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الموقع الرسمي للمستشار البرلماني عبداللطيف أعمو © www.ouammou.net © 2012