?>

كلمة ذ. عبد اللطيف أعمو في حفل تأبين المجاهد محمد بن سعيد ايت إيدر

Sans1

تحت شعار “محمد بنسعيد آيت إيدر.. رمز الصمود والنضال”، نظم الحزب الاشتراكي الموحد- فرع إنشادن، يوم السبت 21 أبريل 2024 ، حفل تأبين المجاهد محمد بنسعيد آيت إيدر بمسقط رأسه بدوار تن منصور (جماعة إنشادن بإقليم اشتوكة آيت باها)، بتنسيق مع فروع الحزب بالجنوب.

438217242_7434469133301095_8310682569214019045_n

وقد تلقى الاستاذ النقيب عبد اللطيف أعمو، الدعوة الكريمة للحضور إلى جانب قيادات وطنية وجهوية وإقليمية ومحلية، للإدلاء بشهادة في حق المجاهد محمد بنسعيد آيت إيدر. لكن ظروفا صحية قاهرة لم تسمح له بالحضور.

ونظرا لأهمية الحدث التكريمي، نورد أسفله نص كلمة ذ.أعمو الموجهة إلى الجهة المنظمة.

شهادة في حق المجاهد محمد بنسعيد آيت إيدر

أيتها السيدات، أيها السادة،

إنه لشرف كبير لي أن أتلقى دعوتكم الكريمة لحضور اللقاء التأبيني للمجاهد محمد بنسعيد أيت إيدر، أحد قادة جيش التحرير وأحد مؤسسي اليسار المغربي.

وقد كان بودي مشاركتكم هذا اللقاء التأبيني، الذي يحمل أكثر من دلالة، لكونه يعتبر بحق لقاءا نضاليا بدلالات رمزية بليغة وعميقة، لأنه أولا ينظم بالأرض الطيبة التي ولد فيها الراحل محمد بنسعيد أيت إيدر وترعرع، ولأنه ثانيا، ينظم بدائرة اشتوكة آيت باها البرلمانية، التي مثلها الفقيد في تسعينات القرن الماضي بمجلس النواب، ويذكرنا هذا بالمسار التشريعي المتميز للراحل.

فقد كان المرحوم محمد بنسعيد أيت إيدر صوتا قويا وصدى حقوقيا لا يلين ولا يساوم تحت قبة البرلمان، وكان أول من طرح علانية إشكالية الاعتقال السياسي بشجاعة وجرأة، في وقت كان فيه الجميع يتحاشى الخوض في مثل هذه الملفات الشائكة.  وهو ما يجسد اضطلاعه بدور سياسي وحقوقي رفيع؛ فكان خير مدافع عن كل القضايا العادلة ونصرة كل الحركات التواقة للحرية والكرامة والعدالة وحقوق الإنسان، فدافع عن قناعة راسخة وإيمان قوي عن المساواة بين الجنسين، وناضل من أجل حركة نسائية جماهيرية في زمن كانت النظرة الحزبية للنضال النسائي ضيقة،ودعم النضالات الشعبية وناصر القضايا العادلة للشعوب المستضعفة ، وعلى رأسها نصرة الشعب الفلسطيني.

ولا يمكن لنا أن نتحدث عن مناقب المرحوم سي محمد بنسعيد دون استحضار مساراته النضالية العسيرة، وبالخصوص خارج المغرب، حين لجأ مبكرا إلى الجزائر، ثم انتقل إلى فرنسا، وتعرض للاضطهاد لسنوات طويلة من أجل مبادئه وحرية لسانه وحدة قلمه، ومن أجل الرفع من آمال المغاربة في خضم التحولات التي عرفها العالم بسبب احتدام الصراع الرأسمالي على قاعدة حقوق الشعوب المشروعة في الحرية والتنمية.

وباستحضاركم اليوم لتضحيات آيت يدر، عرفاناً لما قدمه من نضال مستميت وما عرف عنه من وطنية صادقة، تكونون قد واصلتم من مسقط رأسه مسار اللقاءات التأبينية الكثيرة التي نظمت بمختلف المدن ترحما على روح هذا الزعيم السياسي والمجاهد الكبير والوطني الصادق.

هذه اللقاءات التأبينية التي شهدت حضور العديد من النشطاء السياسيين والمدنيين، مثلما كانت جنازته “استثنائية” من حيث الحضور، إذ كانت كل الوجوه السياسية والحقوقية والثقافية الوطنية حاضرة لإلقاء نظرة الوداع على الراحل، بحكم مكانة الرجل في المشهد السياسي والحقوقي المغربي، وعرفانا واحتراما وتقديرا لهذه الشخصية البارزة التي قدمت الكثير لقضية المقاومة والتحرير، بالمغرب الحديث،

فبرحيله، رحمه الله، فقدنا جميعا أحد آخر الزعماء التاريخيين الكبار الذين جسدوا بكل معاني الصدق والالتزام مدرسة رائدة ومتميزة من القيم السياسية والفكرية، وسيظل رحمه الله رمزا وطنيا مشعا في مقاومة نهب المال العام والفساد، والنضال بقوة من أجل الديمقراطية والحرية.

لقد رحل عنا الرجل وفي حلقه غصة، لأن حلمه المتمثل في رؤية مغرب لكل المغاربة، مغرب ينعم بالديمقراطية والعدالة والكرامة والمساواة، لم يكتمل بعد. وكان طموحه هو قيام نظام ديمقراطي حداثي، يمكن المغرب، مثله مثل باقي الدول النامية، من فتح آفاق جديدة لاستغلال الفرص الواعدة التي يمنحها الاستقرار السياسي والتداول السليم على السلطة. كما كان، رحمه الله، يمني النفس برؤية مغرب يعيش انفراجا سياسيا حقيقيا، وتتضافر فيه جهود الجميع لبلورة مشروع مجتمعي حداثي ودولة الحق والقانون، حيث كان يعتبر أن المجتمعات التي تضمن لنفسها استقرارا وانخراطا إيجابيا هي التي تبلور بشكل نوعي قاعدة مشتركة متوافق عليها.

ويحق لنا، نحن أبناء سوس العالمة، ونحن في هاته المناسبة التأبينية، أن نفتخر ونفاخر، بهذه  الشخصية الشهمة، التي قليلا ما تجود بها الأزمان والأقدار. فكان الراحل بنسعيد آيت يدر، بحنكته وبنباهته وباستقامته، همزة وصل ورابطة بين الأجيال، يحظى باحترام الصغير والكبير، لحكمته وسعة صدره، وتبقى غايته المثلى هي تجميع الهمم من أجل بناء مشروع وطني ديمقراطي حداثي متقدم. كما يحق لأهله ولأبنائه ولكافة أفراد عائلته أن يفتخروا بتقاسم أواصر النسب والقرابة مع هذه الشخصية  الفذة الأصيلة والمستقيمة.

وسيبقى رحمه الله كإحدى الشخصيات البارزة والحاضرة في ذاكرة الجميع، تاركا وراءه إرثا نضاليا خالدا، وستظل ذكراه محفورة في أذهان وقلوب الأجيال الصاعدة واللآحقة، في مجال الدفاع عن الوحدة الوطنية وحوزة الوطن ومقاومة كل أشكال الاستعباد والظلم والفقر، وفي سبيل الحرية والانعتاق وحماية حقوق الانسان وإرساء دولة الحق والقانون.

إن هذا المصاب الجلل هو خسارة لبلادنا ككل، فبرحيل هذا الرجل الاستثنائي، فقد المغرب قياديا يساريا عفيفا وزاهدا عن المناصب ومتفانيا في حب وطنه بدون رياء، ترك وراءه تجربة سياسية مميزة.

وإننا إذ نستحضر بهذه المناسبة الأليمة، هذا الرصيد السياسي والإنساني،  وما كان يتميز به الفقيد في مختلف المهام والمسؤوليات النضالية والسياسية التي تولاها، طيلة حياته الغنية، من خصال إنسانية عالية. نحيي فيه، رحمه الله، وفاءه للمثل العليا، ووطنيته وسمو أخلاقه وغيرته على وحدة المغرب وسيادته، وحرصه على مصالحه العليا، ونشيد بعفته وقناعته وبتواضعه الشديد، حيث ظل قريباً من كافة فئات المجتمع المغربي، فضلاً عن إسهاماته الكثيرة في مختلف مجالات الحياة السياسية والحقوقية والثقافية.

ونرجو من العلي القدير أن يوفي الفقيد الكبير أحسن الجزاء، على ما أسدى لوطنه من خدمات جليلة، وأن يتقبله في عداد الصالحين من عباده، ويشمله بمغفرته ورضوانه، ويسكنه فسيح جنانه.

عبد اللطيف أعمو









الرجاء من السادة القراء ومتصفحي الموقع الالتزام بفضيلة الحوار وآداب وقواعد النقاش عند كتابة ردودهم وتعليقاتهم. وتجنب استعمال الكلمات النابية وتلك الخادشة للحياء أو المحطة للكرامة الإنسانية، فكيفما كان الخلاف في الرأي يجب أن يسود الاحترام بين الجميع.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الموقع الرسمي للمستشار البرلماني عبداللطيف أعمو © www.ouammou.net © 2012