?>

تداول الأجيال في العمل السياسي والتمثيل السياسي: نحو تكامل الأدوار وليس صراع الأجيال

images

احتضن المقر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية، يوم السبت 05 يوليوز 2025، لقاءً تواصلياً مع الجمعية الديمقراطية للمنتخبين التقدميين ضم العديد من منتخبات ومنتخبي الحزب من كل ربوع الوطن. كما شهد اللقاء حضور أعضاء من المكتب السياسي للحزب.

وبالمناسبة، قدم الاستاذ عبد اللطيف أعمو، عضو مجلس جهة سوس ماسة ورقة سياسية (Policy Brief) خلال هذا اللقاء الوطني، نوردها أسفله:

حـــــــول

تداول الأجيال في العمل السياسي والتمثيل السياسي:

نحو تكامل الأدوار لا صراع الأجيال

(للإطلاع على النص بصيغة PDF انقر فوق العنوان أعلاه)

كيف يتم التوفيق بين جيل الرواد الحامل للتجربة وجيل الشباب الذي يحمل الطموح؟

سؤال مهم وواقعي جدًا، ويتعلق بإشكالية “تداول الأجيال في العمل السياسي”، وخاصة في المجالس المنتخبة التي تمثل رافعة أساسية للتنمية المجالية وعنصرا من عناصر إنجاح تطبيق الجهوية المتقدمة في المغرب.

وسبب طرح هذا الإشكال هو أننا على مشارف نهاية ولاية المجالس المنتخبة بالمغرب، ونلاحظ أننا لم نتوفق بالفعل في خلق انسجام تام بين النخب المتعاقبة والاستفادة من تجربة الرواد، بينما جيل الشباب الذي وصل إلى الساحة السياسية وإلى معترك المسؤولية التمثيلية ليس مسلحا بما فيه الكفاية لرفع رهانات المستقبل.

فأين الخلل؟ وما هو الدواء على ضوء التجارب الدولية المثلى؟

وهو سؤال جوهري بخصوص الإخفاق النسبي في تداول الأجيال داخل المجالس المنتخبة المغربية، خصوصًا ونحن على مشارف نهاية الولاية الانتخابية الحالية، حيث نلاحظ:

  • عدم الاستثمار الكافٍي لتجربة جيل الرواد الذي يحمل مخزونًا معرفيًا وتجريبيًا قيمًا،مقابل وصول شباب طموح، لكنه يفتقر إلى التسلح الكافي بالمهارات والمعرفة لتسيير الملفات المعقدة.
  • عدم تفعيل مبدإ التدبير الحر كتجربة جديدة تساهم في تعزيز الثقة وتنشيط أواصر التعاون والتلاقي مع جهاز المراقبة.

يُعدُّ تداول الأجيال داخل الحقل السياسي من القضايا المحورية التي تشغل بال الفاعلين وصنّاع القرار في الأنظمة الديمقراطية، باعتباره شرطًا من شروط تجديد النخب وضمان استمرارية الأداء المؤسساتي.

وفي السياق المغربي، وبفعل تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، تطرح إشكالية التكامل بين جيل الرواد وجيل الشباب بحدة داخل المجالس المنتخبة، وداخل الجماعات الترابية بشكل عام، حيث تتداخل عوامل الخبرة والطموح، والتمثيلية السياسية والفعالية التدبيرية، مما يفرز أحيانًا توترًا أو انفصالًا داخل البنيات التمثيلية.

1. السياق العام:

لمـــــــــــاذا يطرح موضوع تداول الأجيال؟

  • الجيل المؤسس (الرواد):يتمتع بتجربة ميدانية، وبشبكة علاقات، إضافة إلى دراية عملية بالمساطر وبدواليب الإدارة الترابية.
  • الجيل الجديد (الشباب):يمتلك طاقة وطموحا وإبداعا، لكنه يفتقر إلى الخبرة والتمرس المؤسساتي.

وغالبا ما يحدث نوع من التوتر أو الانفصال بين “من يملك الشرعية التاريخية” و”من يسعى لبناء شرعية سياسية جديدة”. مما يؤدي إلى صعوبات في الفعالية والانسجام داخل المجالس المنتخبة، خاصة الجهوية، وبالخصوص في فترة الانتدابات السياسية والحسم في تمثيلية الأحزاب السياسية في مختلف المواقع.

2.  خلفية الإشكالية

مع اقتراب نهاية الولاية الحالية للمجالس المنتخبة بالمغرب، تطفو إلى السطح إشكالية واضحة في التداول بين الأجيال السياسية، وهو ما يعقد إشكالية الانتقال الديمقراطي والتداول بين جيل الرواد وجيل الشباب،وترسيخ القواعد والقيم والأخلاق التي تضمن إنجاح مؤسسة الانتقال بكيفية راقية وديمقراطية. حيث لم يتحقق انسجام وتكامل فعال بينهما، مما أضعف قدرة المجالس على رفع تحديات التنمية المستقبلية بفعالية.

أ –المعضلات الأساسية

P1

ب- الأهداف السياسة المقترحة

  • ضمان انتقال سلس وتكاملي للخبرات بين الأجيال داخل المجالس المنتخبة.
  • تمكين الشباب بفعالية حقيقية لتولي المسؤوليات وتنمية مهاراتهم.
  • تحديث الإطار القانوني والتنظيمي لتعزيز التجديد والنضج السياسي.
  • تقوية ثقافة الديمقراطية التشاركية والتكامل الجيلي.
  • وضع نظام للحكامة واعتماد آليات صريحة لتفعيل مبدإ التدبير الحر.

3. الإشكالات القائمة:

أ. غياب التوازن بين التمثيلية والفعالية:

  • وجود شباب داخل المجالس بصيغة رمزية (لوائح الشباب مثلاً) دون تمكين حقيقي.
  • شيخوخة القرار” مـــقابل “حداثة الشكل
  • ضعف مقاربة النوع وعدم التفعيل الكافي لموقع المرأة داخل المؤسسات التمثيلية، رغم أنها أبانت عن تفوقها الأكاديمي والتعليمي.

ب. ضعف التأطير السياسي والتنظيمي:

  • غياب حاضنات حزبية Incubateurs تدمج الشباب تدريجيًا في مواقع القرار.
  • عدم وجود نقل وتداول منظم للمعرفة المؤسساتية بين الأجيال.

ج. محدودية الثقة المتبادلة:

  • تشكيك الجيل القديم في قدرات الشباب على التسيير.
  • تمرّد بعض الشباب على منهجية “الطاعة والولاءات الحزبية”، مما يُعتبر تهديدًا للتراتبية التقليدية ورفض قواعد الانضباط.
  • تزايد هاجس الثقة بين النخب وأجهزة الإدارة، وبالخصوص سلطة المراقبة

4. أين الـــخلل ؟

أ. الخلل في آليات التناوب والتكامل المؤسساتي:

  • غياب آليات واضحة ومُلزِمة داخل الأحزاب والمؤسسات لضمان انتقال تدريجي للمهام والمسؤوليات من جيل إلى آخر (غياب برامجMentoratأوCoachingمنظمةومهيكلة).
  • تمثيل الشباب في المجالس غالبًا ما يكون شكليا وليس ممأسسا ومُمكّنًا (مثل الكوطا غير مصحوبة بتدريب أو مسؤوليات فعلية).
  • الرواد غالبًا ما يرفضون التنازل عن مواقعهم أو لا يجدون حوافز حقيقية لتسهيل انتقال السلطة.

ب. الخلل في تأهيل الشباب وتأطيرهم:

  • ضعف برامج التدريب والتكوين السياسي والإداري، مما يجعل الشباب ينخرطون في مناصب المسؤولية بدون جاهزية كافية.
  • غياب تبادل معرفي فعلي وتدريب عملي داخل المجالس المنتخبة ومحيطها المؤسساتي.
  • ضعف الخبرة في التواصل المؤسساتيوفيإعداد البرامج، والتفاعل مع الفاعلين المحليين.

ت. الخلل في النظم السياسية والانتخابية:

  • النظام الانتخابي والقانون التنظيميللأحزاب لا تفرض شروطا مشجعة للتمكين الفعلي للشباب.
  • التنافس السياسي يظل تحت ضغط النخب التقليدية، مما يخلق حاجزًا أمام ولوج الشباب بنجاح لسلم الترقي السياسي، ويثير إحساس بضعف استقلالية القرار الحزبي.
  • غياب ثقافة ديمقراطية داخل الأحزاب حول تداول الأدوار.
  • غياب قواعد المنافسة الشريفة وإبراز الهوية الفكرية والسياسية للأحزاب.

5.التأطير النظري:

أ. تداول الأجيال: المفهوم والأبعاد

يشير مفهوم تداول الأجيال إلى الانتقال المنظّم أو التدريجي للأدوار والمسؤوليات السياسية من جيل إلى آخر، عبر آليات ديمقراطية وسلمية[1]
ويشمل هذا التداول:

  • تداول الشرعية (الانتخابية والسياسية)
  • تداول المعرفة والتجربة
  • تداول الرمزية والتموقع داخل النخب

وفق تحليل نوربرت إلياس(Norbert Elias) في نظريته حول “جدلية الأجيال”[2]، فإن المجتمع السياسي لا يتطور إلا بوجود توتر خلاق بين جيلين: جيل تقليدي محافظ وجيل طامح للتغيير، ولكن هذا التوتر يجب أن يُضبط ضمن بنية مؤسساتية مرنة.

ب. المجالس المنتخبة: الفضاء الجديد للتمثيلية النوعية

أصبحت المجالس الجهوية، بعد دستور 2011، مؤسسات منتخبة قوية ذات اختصاصات موسعة في التخطيط والبرمجة والتنمية. وهو ما يستدعي نخبًا متجددة قادرة على التفاعل مع الواقع الترابي، مما يُعيد طرح الحاجة إلى تمكين الشباب ودمجهم في القرار المحلي.

6. مظاهر الإشكالية داخل الواقع الترابي المغربي:

أ- تغليب النمط التقليدي للنخب على التجديد:

  • استمرار وهيمنة حضور نخب تقليدية ” الأعيان” منذ عقود، بمسارات انتخابية طويلة.
  • إعادة إنتاج نفس الأسماء والأجيال بالقرابات في مواقع القرار (دورات انتخابية متتالية دون تداول حقيقي). مما يهدد بإفساد العملية الانتخابية برمتها وإفراغها من جوهرها وينحرف بها عن أهدافها.

هذه الوضعية ولدت ظواهر مثل الترحال السياسي والسوق الانتخابي وانتشار ظاهرة “مول الشكارة”  بجانب ظاهرة الأعيان الجدد، التي اختزلت العملية الديمقراطية في قوة المال المؤثر في القرار السياسي.

ب. ضعف التمكين الفعلي للشباب:

  • رغم وجود لائحة الشباب في بعض الجماعات الترابية، فإن مشاركتهم تظل شكلية ورمزية في كثير من الأحيان.
  • الشباب يُستعمل غالبًا كعنصر تزييني أو للتسويق السياسي، دون منحه مسؤوليات حقيقية. مما حوله إلى مجرد آلة للتصويت. فترتب عن ذلك غياب التداول.

ت. غياب آليات الوساطة بين الأجيال:

  • انعدام برامج التكوين المشترك بين الأجيال والفئات العمرية داخل المجالس المنتخبة، بغاية بناء النخب وإعادة تجديدها،
  • افتقاد ثقافة التوجيه المؤسسي أو “Mentorat” بين الأجيال.

7.أسباب الاختلال في تداول الأجيال:

أسباب ثقافية:

  • عقلية الريع السياسي عند بعض النخب .
  • غياب ثقافة التداولالديمقراطـي داخل الأحزاب.
  • النظرة الدونية إلى تجربة الشباب واعتبارهم “غير ناضجين سياسيًا”.

أسباب مؤسساتية:

  • ضعف تجديد الهياكل الحزبية.
  • غياب محفزات داخل النظام الانتخابي لتشجيع التناوب بين الأجيال.
  • عدم اشتراط التكوين أو الخبرة في الترشح للمسؤوليات داخل هياكل الجماعات الترابية.

أسباب سوسيو-سياسية:

  • تهميش الشباب في الحياة الحزبية والعمومية.
  • ضعف مشاركة الشباب في الانتخابات (عزوف سياسي).
  • تحوّل المشاركة الشبابية من الإطار المؤسساتي إلى الحركات الرقمية أو المدنية أو الاحتجاجية، دون هدف واضح.

8.  تجارب مقارنة: كيف نجحت دول أخرى؟

على ضوء التجارب الدولية المثلى، ما هي الوصفات التي يمكن الاستفادة منها:

✅كندا:

  • برامج “YouthParliament” لتدريب الشباب على صناعة التشريع.
  • مشاركة الشباب في لجان دائمة داخل البلديات.
  • نظام تكوين الشباب المندمج في العملية السياسية من خلال برامج برلمانية شبابية، وورشات عمل للتأهيل التدريجي.
  • آليات مرافقة (Mentorship) منتظمة بين منتخبين مخضرمين وشباب.

✅ألمانيا:

  • إدماج مبدأ Tandem intergénérationnelعلى قاعدة أن كل منتخب شاب يُرافقه منتخب خبير. ويتم تبني نموذج التناوب التشاركيCo-leadershipحيث يُشرك الجيل الشاب بشكل واقعي في اتخاذ القرار، ويُرافق من قبل جيل متمرس ومخضرم.
  • خلق حوافز انتخابية داخل الأحزاب لتمكين الشباب في مناصب تنفيذية.

✅تونس (بعد الثورة):

  • اعتماد ميثاق سياسي لتجديد النخب وضمان نسبة دنيا للشباب في اللوائح الانتخابية، رغم ضعف التنزيل العملي.

✅جنوب أفريقيا:

  • اعتماد برامج تدريب مكثفة للشباب السياسيين في إطار الأحزاب، بالتوازي مع برامج تأهيل قانوني وإداري.

9. من أجل رؤية إصلاحية لتكامل الأجيال داخل المجالس المنتخبة:

أ- تعزيز وتقوية وتوسيع تجربة برلمان الطفل التي تعتبر بداية في مشوار إدماج الشباب في الحقل السياسي والمؤسساتي،

ب- تقوية وتوسيع أدوات التكوين وتقوية حس المواطنة لتسهيل الادماج في الحقل الوطني والتدرب على قيم المواطنة،

ت. إصلاح حزبي ومؤسساتي:

  • إلزام الأحزاب بتبني آليات واضحة لتجديد النخب.
  • تخصيص نسبة لتمثيلية الشباب والنساء داخل الأجهزة التنفيذية.

ج. التكوين والمصاحبة:

  • إحداث معاهد جهوية للتكوين في التدبير الترابي لفائدة المنتخبين الشباب.
  • اعتماد نظامMentor-Mentee[3]داخل المجالس، يؤطره القانون الداخلي للمجالس.

د. التقييم والمساءلة:

  • اعتماد مؤشرات لتقييم أداء المجالس المنتخبة تشمل:
    • معدل المشاركة الفعلية للشباب والنساء في اللجان.
    • مساهمتهم في مشاريع تنموية حقيقية.
    • مدى تداول الأجيال في المهام والمناصب.

10 .بعض التوجيهات والمقترحات والتوصيات العملية:

أ. مقاربة تدريجية لتأهيل الشباب:

  • اعتماد برامج داخل الأحزاب والمجالس المنتخبة لـلتكوين العملي والتدريب على الحكامة السياسية.

ب. اعتماد نماذج تشاركية وخلق حوافز تشاركية وحقيقية:

  • اعتماد مبدأ التشاركية بين – جيلية Co-leadership intergénérationnelle في اللجان والمشاريع.
  • فتح مجالات تجريبية للشباب في قضايا ذات أولوية (التحول الرقمي، الطاقة، البيئة، ريادة الأعمال، الثقافة ، الرياضة ، …).
  • توفير الدعم اللوجستي والمادي للمنتخبين الشباب.
  • إشراك الشباب في مشاريع تنموية فعلية على مستوى الجهات

ت. إصلاح النظم الانتخابية والترشيحات:

  • فرض كوطا دائمة نوعية للشباب داخل الهياكل المسيرة، وليس فقط في اللوائح.
  • اشتراط التكوين أو تجربة مدنية société civileقبل الترشح للمجالس لضمان الجاهزية والفعالية.
  • إدخال شروط إلزامية لتمثيلية الشباب والنساء في مواقع صنع القرار داخل الهياكل الحزبية والمجالس المنتخبة.
  • وضع معايير الكفاءة أو التكوين كشرط للترشح في بعض المناصب.

ج. التحفيز على الحوار والتقييم الذاتي:

  • تنظيم منتديات جهوية شبابية للحوار مع الرواد ونقل التصورات والتجارب المثلى.
  • إدراج معيار تداول الأجيال ضمن مؤشرات تقييم أداء المجالس.

ح – إنشاء برامج تأهيل وتكوين

  • تطوير معاهد جهوية للتكوين السياسي والإداري للشباب المنتخَب.
  • برامج تدريب عملية تشمل مهارات التدبير، التواصل، التفاوض، ووضع السياسات.
  • إحداث برامج وطنية وجهوية لتكوين وتأهيل الشباب السياسي، تشملمهارات التسيير، التخطيط الاستراتيجي، العمل الجماعي، التواصل، التفاوض، بجانب تنظيم دورات تدريبية عملية داخل المجالس المنتخبة والمكاتب التنفيذية.

د- اعتماد آليات مرافقةداخل المجالس المنتخبة (Mentorat)

  • خلق آليات مرافقةMentoringبين المنتخبين المخضرمين والشباب.
  • ربط كل منتخب شاب بمنتخب مخضرم للإرشاد والمتابعة.
  • تنظيم لقاءات وأوراش عمل دورية لتبادل الخبرات والتجارب.

ص. تحسين وتعديل الإطار القانوني والتنظيمي

  • إدخال كوطا للشباب في المناصب التنفيذية، وليس فقط في اللوائح.
  • فرض شروط للتكوين أو الخبرة كتأهيل للترشح.
  • مكافأة الأحزاب التي تحقق نسبة عالية من تجديد النخب، عبر الدعم العمومي للهيئات السياسية.

ط.تعزيز ثقافة التداول والتعاون الجيلي (بين الأجيال)

  • تنظيم حملات توعية تحفيزية داخل الأحزاب والمؤسسات المنتخبة.
  • فتح حوار مستمر بين الأجيال عبر منتديات وندوات جهوية.

ع. تشجيع ثقافة الديمقراطية التشاركية

  • دعم ثقافة تحترم وتدمج الأجيال معًا، عبر الحملات التوعوية والحوار المجتمعي.

خــــــــاتمــــة:

 تداول الأجيال لا يعني الصراع بين جيلين، بل هو انتقال وظيفي للمعرفة والخبرة، مع الحفاظ على نبض التجديد والشرعية السياسية. والتوفيق بين هذا وذاك يتطلب هندسة حزبية ومؤسساتية ذكية تسمح بإشراك الشباب بدون المساس بالتجربة، وتحفز الرواد على التوجيه دون التسلط.

كما أن التداول بين الأجيال ليس ترفًا بل هو ضرورة ملحة لضمان استمرارية نجاعة الحكم الجهوي والتنمية المستدامة بالمغرب. ويقتضي ذلك مزيجًا من التكوين والتمكين والتحديث القانوني، مع إرادة سياسية حقيقية لتجاوز التوترات الجيلية وتحقيق انتقال سلس.

 ويكمن الخلل في غياب آليات مؤسساتية واضحة وفعالة لتدبير تداول الأجيال، إضافة إلى ضعف التكوين والتأطير، ونقص الحوافز القانونية والسياسية الحقيقية للشباب.
فيما يكمن الدواء في اعتماد التجارب المقارنةالناجحة والناجعة مثل برامج التكوين والتأهيل، مرافقة الأجيال(Mentoring)، وتحديث النظم الانتخابية والتنظيمية لتشجيع إدماج الشباب وتأهيلهم.

إن تحقيق تداول حقيقي للأجيال في المجالس المنتخبة لا يجب أن يُفهم كصراع على المواقع، بل كمطلب ديمقراطـي وتنموي لتجديد الدماء المؤسساتية وضمان استمرارية الحكامة الجيدة. ويبقى الرهان الأساسي هو خلق جسور بين جيل الخبرة وجيل الطموح، عبر هندسة ذكية تجمع بين التمكين والمصاحبة، وبين التمثيلية والفعالية.

للاطلاع على نص الورقة كما نشرتها جريدة بيان اليوم

(انقر هـــــنا)

أهم المراجع الفكرية والأكاديمية المعتمدة:
  1. Norbert Elias, La société des individus, Fayard, 1991.
  2. Jean-Yves Dormagen, La démocratie locale à l’épreuve, PUF, 2010.
  3. Amin Allal & Vincent Geisser, L’entrée des jeunes en politique, Revue Tiers Monde, 2013.
  4. Institut Royal des Études Stratégiques (IRES), Jeunesse marocaine et participation politique, 2018.
  5. Conseil Économique, Social et Environnemental (CESE), Rapport sur la jeunesse et la participation citoyenne, 2022.
  6. Hassan Belghiti, La gouvernance territoriale au Maroc, L’Harmattan, 2021.
  7. Banque mondiale, Rapport sur la gouvernance locale au Maroc, 2020.
  8. الحداثة من منظور إشكالي- عصام شرتح – ديوان العرب – يونيو 2016

[1]Une démocratie de l’abstention ? Par Céline Braconnier et Jean-Yves Dormagen, 2010, P151 à 163.

[2] – نظرية “جدلية الأجيال” لنوربرت إلياس تركز على العلاقة المتبادلة بين الأجيال المختلفة داخل المجتمع، حيث يرى أن كل جيل يتأثر بالجيل الذي سبقه ويتفاعل معه، وفي الوقت نفسه يؤثر في الجيل الذي يليه. هذه العلاقة ليست علاقة سلبية، بل هي تفاعل جدلي مستمر يؤدي إلى التغيير والتطور الاجتماعي.

[3]– برنامج التوجيه والإرشاد Mentor-Mentee هو مبادرة منظمة، يقوم فيها شخص ذو خبرة (المرشدMentor ) بتوجيه ودعم شخص أقل خبرة (le mentee) ) لمساعدته على تطوير مهاراته وتحقيق أهدافه السياسية أو المهنية أو الشخصية. هذا النوع من البرامج مفيد لكلا الطرفين، إذ يعزز التطور الفكري والمهني، واكتساب مهارات جديدة، وبناء الثقة في النفس.









الرجاء من السادة القراء ومتصفحي الموقع الالتزام بفضيلة الحوار وآداب وقواعد النقاش عند كتابة ردودهم وتعليقاتهم. وتجنب استعمال الكلمات النابية وتلك الخادشة للحياء أو المحطة للكرامة الإنسانية، فكيفما كان الخلاف في الرأي يجب أن يسود الاحترام بين الجميع.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الموقع الرسمي للمستشار البرلماني عبداللطيف أعمو © www.ouammou.net © 2012