?>

دورة يوليوز 2025 العادية للمجلس الجهوي

Microsoft Word - E/'.D) (EF'3() 'F9B'/ /H1) JHDJH2   ,  2025.doc

بمناسبة انعقاد أشغال الدورة العادية لمجلس الجهة برسم شهر يوليوز 2025، التي تضمن جدول أعمالها خمس عشرة نقطة تهم مشاريع ذات بُعد استراتيجي، من بينها:
– دعم الاستثمار والتشغيل على صعيد الجهة؛
– تعزيز التزويد بالماء الصالح للشرب؛
– تأهيل البنيات التحتية الكبرى؛
– توسيع شبكتي التوزيع الكهربائي والتطهير السائل في الوسط القروي؛
– إلى جانب محاور اجتماعية تشمل الصحة والتعليم والرياضة والتمكين الاقتصادي للنساء ودعم الفئات الهشة.

قدم الأستاذ عبد اللطيف أعمو ملخصا لمداخلة أعدت باسم مجموعة التقدم والاشتراكية بمجلس جهة سوس ماسة، تحت عنوان : “لا جهوية متقدمة بدون تحرير المبادرة الجهوية من الانتظارية والتردد”   نوردها كاملة أسفله :

Microsoft Word - E/'.D) (EF'3() 'F9B'/ /H1) JHDJH2 , 2025.doc

للإطلاع على نص المداخلة كاملة بصيغة PDF
الرجاء النقر فوق صورة الغلاف أعلاه

السيد الرئيس،

السيدات والسادة أعضاء المجلس الجهوي،

مع انعقاد دورة يوليوز 2025 العادية للمجلس الجهوي، تستقبل الأمة الإسلامية سنة هجرية جديدة، جعلها الله فاتحة خير وبركة علينا وعليكم جميعا.

وبالمناسبة، يحتوي جدول أعمال هذه الجلسة الفريدة على 15 نقطة تتميز بعرض ودراسة والتصويت على عدد من النقاط الاستراتيجية، من أبرزها دعم الاستثمار وتأهيل البنية التحتية الجهوية وتزويد بعض المناطق بالماء الصالح للشرب، وتوسيع الشبكة الكهربائية.

وإذا كان طموح مجمل تقارير الدورة يعكس انخراط الجهة في توجهات عامة تتوخى:

  • التنمية المتوازنة للمجال الترابي
  • تفعيل النموذج التنموي البديل
  • تحسين البنيات التحتية الاجتماعية والاقتصادية
  • تعزيز الشراكة مع الجماعات الترابية والقطاع العام

بحكم أن رهانات الجهة اليوم ترتكز على توازن المجال، وعدالة الفرص، ووضع أسس اقتصاد قوي ومستدام، مع تفعيل دور الجهة كمحرك للتنمية الترابية المستدامة.

لكن مؤشراتنا العامة ما زالت للأسف تشكو من الوهن والضعف. والأدهى من هذا كله أننا ما فتئنا نذكر بهذه النواقص على مستوى التدبير الجهوي تقريبا في كل دورة من دورات المجلس منذ بداية الولاية الحالية. ونحن اليوم، نقترب من نهاية الولاية الحالية، ولم نلمس للأسف أي تحسن في المؤشرات الجهوية العامة.

Iفعلى مستوى الفلاحة وتدبير الموارد المائية

ظل الجفاف المستمر مؤثرا بشدة على تربية المواشي، حيث انخفضت قطعان الأبقار والأغنام بنسبة 38% خلال تسع سنوات. ولم تمتلئ بالكاد سدود سوس – ماسة سوى بنسب ضعيفة وطنيا، مما أدى إلى ندرة المراعي وانخفاض إنتاج اللحوم.

فنسبة ملء السدود في المغرب تواصل ارتفاعها التدريجي، حيث بلغت نهاية مارس 2025 حوالي 38.21% (ما يعادل 6.4 مليارات متر مكعب)، محققة تحسنًا مقارنة بالسنة الماضية التي لم تتجاوز فيها النسبة 27.69%. غير أن هذا التحسن لا يشمل جميع الأحواض المائية، إذ لا تزال جهة سوس ماسة تسجل أدنى نسبة ملء وطنية بنسبة 10.6%. وهو ما يثير مخاوف بشأن استمرار الأزمة المائية في جهتنا.

فعلى الرغم من أن الأمطار المتأخرة في شهر مارس الماضي أعادت نفحة من الأمل إلى العالم القروي وللفلاحة الجهوية، إلا أن التحديات الهيكلية المرتبطة بالماء والمحاصيل والتوازنات القروية ما تزال قائمة. وبقدر ما سيعتمد مستقبل عالمنا القروي على إدارة الموارد فهو رهين كذلك بقدرة الفلاحين، وخصوصا الصغار منهم، على التكيف.

ولا نظن أن الانتعاش الموسمي سيكون كافياً لــتغيير اتجاه ومسار فلاحتنا الجهوية نحو مزيد من الترشيد والعقلنة، وإنقاذ المحاصيل وتخفيف الضغط عن موارد المياه. وسنكون مدعوين، وبقوة، إلى اعتماد رافعات أساسية، ومن ضمنها:

(1) تحسين إدارة الموارد المائية وترشيد الاستهلاك لضمان الأمن المائي

بحيث يتطلب تحقيق الأمن المائي مقاربة شمولية لا تقتصر فقط على زيادة العرض من خلال بناء السدود وتعبئة الموارد، بل تشمل أيضًا التحكم في الطلب وترشيد الاستهلاك. فالماء ليس مجرد قضية عرض، بل هو قضية توازن دقيق بين العرض والطلب. ما يستدعي تسريع إنجاز المشاريع المستدامة مثل تحلية مياه البحر واعتماد سياسات ناجعة لضبط الاستهلاك، في إطار مبادرات استباقية واحترازية تدمج التحكم في الطوارئ.

(2)  تنويع الزراعات وتكييفها حسب الظروف

باقتراح اللجوء إلى محاصيل بديلة غير مرهقة للفرشة المائية، وفي حالة فشل الحبوب، اعتماد محاصيل مثل:الأعلاف (البرسيم، الشعير العلفي…). و البقوليات (العدس، الفول، الحمص…) مع اعتماد الزراعات الربيعية كـ”حلول تدارك” في المناطق المتضررة.

(3) تقوية قدرة الفلاحين على التكيف

فالأمطار وحدها لم تعد كافية لإنجاح الموسم الفلاحي، بل يتعين دعم الفلاحين من حيث التمويل وتسهيل ولوجهم للأسواق مع تعزيز المواكبة التقنية وتقوية منافذ التكوين في مجال اقتصاد الندرة.

(4) تطوير الزراعة المستدامة والغير المرهقة للموارد

وذلك من خلال: تشجيع الزراعة التي تستهلك مياهًا أقل وإدخال التقنيات الحديثة للري (كتعميم الري بالتنقيط) مع الحرص على الحفاظ على رطوبة التربة من خلال تقنيات الزراعة المحافظة على المياه.

(5) دعم التوازن البيئي والرعوي

كلنا نعلم أن جهة سوس ماسة تعاني من تحديات بيئية حادة تُهدد توازنها الاقتصادي والاجتماعي، بفعل التغيرات المناخية المتسارعة وغير المسبوقة. وتتجلى هذه التحديات في تراجع الموارد المائية، وضعف اعتماد الزراعات المستدامة، وتعرض البنية التحتية لمخاطر متزايدة، مما يستوجب اعتماد استراتيجيات متكاملة ومرنة للتكيف مع هذه الأوضاع، وذلك من خلال الاهتمام بـ المجالات الرعوية الطبيعية التي بدأت تتجدد بفعل الأمطار مع ضرورة إعادة الاعتبار للمجال الرعوي التقليدي رغم تراجع مهنة الرعي والتفكير في برامج لتثمين التربية الحيوانية بطريقة عصرية ومستدامة.

(6) التفكير الترابي (الذكاء المجالي) في مجال الفلاحة

وهي مقاربة تستدعي تجاوز التحاليل العامة أو الإسقاطات الوطنية الفجة على الواقع الجهوي، والتوجه نحو فهم خصوصيات المناطق الطبيعية بجهتنا (المناطق الجبلية، المناطق الرطبة، الواحات، …) مع ضرورة تكييف السياسات الفلاحية حسب خصوصيات الجهة والأنماط السوسيو – اقتصادية لكل المجالات الترابية بجهتنا.

وهو جهد يقتضي الانطلاق من فكرة مفادها أن الحلول المقترحة لمواجهة الجفاف لا تقتصر على الإجراءات الطارئة فحسب، بل تشمل مقاربات استراتيجية متكاملة ومرتبطة عضويا، مثل:ترشيد استهلاك المياه،تنويع الزراعات، دعم الفلاحين الصغار، وإعادة التفكير جذريا وجديا في النموذج الفلاحي الحالي على ضوء التغيرات المناخية.

والمثير للانتباه أن الحديث عن الجفاف وآثاره على العالم الفلاحي يتكرر في كل مناسبة. وفي كل موسم فلاحي تصدر التوصيات وتتخذ التدابير لمواجهة الوضع، الذي أضحى بنيويا. ولكن، ما يحصل على مستوى التصدي، أننا غالبا ما ننتظر حدوث الكارثة لنتحرك، أي أننا نشتغل بردود الفعل أكثر من التدابير الاستباقية.

وقد يقول البعض أن هذه المبادرات المطلوبة قد تتعدى الاختصاصات الذاتية للمجالس الجهوية، وتختلط فيها صلاحيات الدولة والمجالس الترابية. لكن، لا بد هنا من استحضار مكانة الجهة ودورها في تفعيل ورش الجهوية المتقدمة، التي تعني التكامل بين مختلف الجهات من جهة، وبين الجهات ومختلف الفاعلين العموميين المؤثرين في مسارها وتنميتها.

IIعلى مستوى تنمية القطاع الصناعي

في هذا الباب، لا بد لنا أن نطرح سؤالا مركزيا، ونحن اليوم بصدد الجيل الثاني من مخططات التنمية الجهوية (P.D.R) لماذا لا تزال الصناعة الجهوية بسوس ماسة متأخرة؟

حيث تُمثل صادرات سوس ماسة الصناعية، التي تبلغ 4.7 مليار درهم، بالكاد 1.3% من الصادرات الصناعية الوطنية. وتحتل جهتنا المرتبة الثامنة على الصعيد الوطني في الصادرات الصناعية،مما يُظهر أن الرهان التصنيعي الجهوي لم يصل بعد إلى مرحلة النضج.

فعلى الرغم من الطموحات متعددة القطاعات (السيارات، الجلود، البلاستيك، وترحيل الصناعات، …)، إلا أن قطاع الصناعة الغذائية ظل يحظى بحصة الأسد جهويا، في إطار التنفيذ الجهوي لخطة تسريع التنمية الصناعية (P.A.I)،فيما يواجه تنويع فرص الأداء الصناعي في جهة سوس – ماسة العديد من التحديات الهيكلية والتنظيمية والاقتصادية، وعلى رأسها:

  • هيمنة قطاع الأغذية الزراعية

بحيث يهيمن قطاع الصناعة الغذائية والزراعية (التعبئة والتغليف، ومعالجة الحمضيات، والحليب، والأسماك) على توزيع الوظائف الصناعية جهويا بتركيزه  لــنسبة  79% منها.

ولا تزال القطاعات الأخرى (البلاستيك، والمواد الكيميائية، والسيارات، والجلود، التكنولوجيا الرقمية، … وغيرها) متخلفة عن الركب، على الرغم من الاستثمارات الهامة. وهذا الأمر يُعيق بشكل كبير المرونة الاقتصادية في مواجهة الآثار السلبية للتغيرات المناخية أو الصحية التي تؤثر على الزراعة.

  • بنية تحتية صناعية غير متطورة

على الرغم من الجهد المبذول لتحفيز الاستثمارات الصناعية والخدماتية، ومن ضمنها ما هو وارد في النقطة الثانية من جدول أعمالنا هذا، والخاصة بدعم الاستثمار والتشغيل بجهة سوس ماسة ، إلا أنه لا بد من الإقرار بأن بعض المناطق الصناعية بجهتنا لا تزال تعاني من التأخير في التطوير (نقص الخدمات، ونقص في شبكة الصرف الصحي، وضعف الوصول إلى الطرق) بحيث تشتغل منطقة آيت ملول للتسريع الصناعي جزئيًا، فيما مواقع أخرى مثل تيزنيت وتارودانت لا تزال متأخرة. ولا يزال توفر الأراضي منخفضة التكلفة محدودًا خارج المراكز الصناعية الرئيسية.

  • نقص في الموارد البشرية المؤهلة وعمالة متدنية المهارة وسوق عمل هش

إن معظم الوظائف المتوفرة جهويا هي وظائف زراعية أو غير رسمية. وهي تتميز بانخفاض الأجر وبموسميتها، وضعف إنتاجيتها.

كما تسجل جهة سوس ماسة ارتفاع معدل بطالة الشباب، وخاصةً من بين الخريجين.وغالبًا ما يفتقر الخريجون الشباب المُدرَّبون محليًا إلى الخبرة العملية أو التعليم المستمر المناسب.

فعلى سبيل المقارنة، استوعبت جهة مثل طنجة – تطوان – الحسيمة العمالة الصناعية بشكل أفضل بفضل مناطق التجارة الحرة الديناميكية (صناعة السيارات، والمنسوجات، إلخ).. كما استطاعت جهة مراكش تانسيفت الحوز تصدر المشهد السياحي وطنيا بفضل انتباهها إلى جودة الخدمات في المجال السياحي،  على عكس انشغالات  جهة سوس ماسة. مما أدى إلى تدني مستوى نوعية وقيمة الخدمات بشكل عام، وخصوصا في القطاع السياحي. الشئ الذي له تأثير كبير وسلبي على رفع رهان تنزيل مخطط سياحي يسمح باستغلال وترويض القدرات السياحية المتوفرة في الجهة. مما يجعل هذا القطاع يدور في حلقة مفرغة، وينتج ويعيش انتكاسات تلو أخرى، لها  انعكاسات كبيرة وخطيرة على جميع المستويات، ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا وأخلاقيا…

من جهة أخرى، لا يلبي التدريب التقني والمهني جهويا الاحتياجات الناشئة (السيارات، والبلاستيك، والإلكترونيات، والمجال الرقمي والذكاء الاصطناعي ، إلخ). وتشكو جهتنا كذلك من غياب مراكز التدريب المتخصصة في بعض المهن المرتبطة بإنشاء قطاعات جديدة.

  • محدودية فرص الحصول على التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة

قد لا يمر شهر، إلا ونسمع عن انطلاق مخططات لتمويل المقاولات الصغيرة والمتوسطة منذ بداية الولاية الحالية، دون تأثير فعلي على وضع هذه البنيات الاقتصادية الهشة. مما يجوز معه استحضار المقولة الشعبية الشهيرة ” أسمع جعجعة ولا أرى طحينا ”

ففي جهة سوس ماسة، ما زالت الغالبية العظمى من المشاريع الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة الصناعية ُتكافح للحصول على قروض بنكية لشراء المعدات أو البدء في مشروع تجاري، في ظل حماية قانونية ضعيفة، مع ضعف إدراك المخاطر العالية في القطاعات الجديدة (الجلود، والتكنولوجيا الحيوية، والطاقة، إلخ). مما يثني العديد من المستثمرين الشباب بالخصوص عن الاستثمار ولا يشجعهم على دق أبواب المؤسسات المالية لطلب الدعم.

وهذا راجع بالأساس في ضعف منسوب الثقة لدى المستثمرين، وخصوصا الشباب منهم، وهيمنة اقتصاد الريع ومنطق “باك صاحبي” المسيطر في كل المجالات، بما فيه القطاع المصرفي، الذي يهمش تمويل الكفاءات والأفكار المبدعة على حساب الاعتماد على القدرات الفكرية والإبداعية وعلى القدرات الذاتية والمبادرة المعرفية للشباب. فلا غرابة أن تتفاقم أزمة هجرة الأدمغة خارج البلاد واستمرار نزيفها.

  • ضعف ومحدودية الجاذبية الجهوية

على الرغم من التحفيزات (مثل حافز التوظيف، ودعم اقتناء العقار)، ما زالت الصناعات الكبرى تُفضل التوطين بالدار البيضاء، وطنجة، والقنيطرة لأسباب لوجيستيكية أساسا. فميناء أكادير مثلا هو أقل ترابطًا من ميناء طنجة المتوسطي، مما يحد من فرص التصدير.

كما يطالب المستثمرون الأجانب أساسا بمزيد من الضمانات والأمن القانوني، والكفاءة الإدارية، واستقرار في الإمدادات من المياه والطاقة.

  • ضعف الابتكار والتكامل المحلي

و يتجلى ضعف الابتكار والتكامل بالدرجة الأولى في:

  • قلة التجمعات الصناعية المنظمة والمؤثرة في الجهة. كما لا توجد أنظمة بيئية متكاملة فعليًا.
  • ضعف البحث والتطوير المحلي، مع ضعف الروابط بين الجامعات ومراكز البحث والمصنّعين والشركات الناشئة.
  • لا يزال تكامل سلسلة القيمة ضعيفًا: حيث تُركّز العديد من الصناعات على التجميع أو المعالجة الأولية.

وهذا، رغم احتضان الجهة لعدد من المؤسسات، التي ينتظر منها أن تكون مشاتل لاحتضان ابتكارات الشباب وللرقي بالصناعة والخدمات جهويا، مثل مدينة المهن والكفاءات، التي استقبلت فوجها الأول في سنة 2022  . لكن، للأسف، ما زال أثرها ضعيفا ومحدودا وغير ملموس.

  • ضرورة رفع سقف الطموح الصناعي جهويا

على الرغم من الجهود المبذولة على مدى السنوات الأربع الماضية. ما زالت جهة سوس ماسة قابعة في مرتبة متوسطة وطنيا، حيث تحتل باستمرار موقعًا متوسطًا كسادس جهة منتجة للثروة على الصعيد الوطني، وتُساهم بنسبة 6.6% في الناتج المحلي الإجمالي الوطني.

ومع ذلك، لا تزال المنظومة الاقتصادية للمنطقة تواجه تحديًا مزدوجًا، متمثلا في: تعزيز مرونتها وتحويل نموذجها الاقتصادي الحالي للارتقاء إلى مصاف المساهمين الرئيسيين في الثروة الوطنية. وفي ظل هذه الظروف، لا بد من تعزيز القطاع الصناعي، وخصوصا من خلال تعزيز حصة الجهة من القيمة المضافة الصناعية والصادرات الصناعية. وهذا التحسن من شأنه تمكين جهتنا من زيادة القيمة المضافة لناتجها المحلي الإجمالي مع الحفاظ على معدل نمو مستقر.

وهنا لا بد من رفع تحدٍّي رئيسي آخر يعزز من موقع الجهة في سوق أفريقيا جنوب الصحراء، حيث تُقدر فرص التصدير غير المستغلة بنحو 12 مليار درهم، من إجمالي 120 مليار درهم مخصصة للأسواق الأخرى التي حددتها خارطة الطريق الجديدة للتجارة الخارجية.

وعلى النخب الاقتصادية الجهوية مدعومة بالقطاع المصرفي الجهوي الانخراط بقوة وشجاعة في هذا المسار، خصوصا أنه علينا استغلال فرصة إحراز المغرب لتقدمً ملحوظً على الساحة الدولية وفقًا لمؤشر إلكانو الملكي الإسباني للدراسات الدولية والاستراتيجية للحضور العالمي 2025، والذي يأتي في سياق تطور عالمي يتميز بتحول في ميزان القوى وتراجع نماذج العولمة التقليدية.

حيث احتل المغرب المرتبة 52 عالميًا في تصنيف يقيس التأثير الدولي للدول من خلال الأبعاد الاقتصادية والعسكرية والقوة الناعمة، بالتوظيف الأمثل لمؤشر القوة الناعمة، الذي حصل فيه المغرب على 9.1 نقطة، وهو جانب يشمل التبادلات الثقافية والعلمية والتعليمية والتكنولوجية.

IIIعلى مستوى الدينامية التجارية

في الوقت الذي يعتمد فيه المغرب بشكل كبير على التجارة الخارجية لدعم نموه الاقتصادي بين عامي 2025 و2027، تُسعى جهة سوس ماسة جاهدة إلى ترسيخ مكانتها كرافعة استراتيجية رئيسية، مستفيدةً من مواردها الصناعية واللوجستية، تمكنها من الاستفادة من مواردها التجارية والصناعية ومن معارفها ومداركها المهنية المتراكمة عبر عقود، وتساهم بذلك في خلخلة النظام التجاري الجامد الذي لا يستفيد منه إلا قلة قليلة من المحظوظين، وتهدف بذلك إلى زيادة صادراتها، لا سيما إلى السوق الأفريقية، التي لا تزال تعاني من نقص كبير في الاستغلال والتوظيف الأمثل.

وتهدف جهة سوس ماسة، في إطار إستراتيجية النمو الوطنية 2025-2027، التي تضع التجارة الخارجية في صميم أولويات المغرب، إلى تعزيز دورها كفاعل رئيسي في مجال الصادرات، حيث تمثل جهة سوس ماسة 9.5% من التجارة الخارجية للمغرب، وتعتزم الاستفادة من فرص الاستثمار والتصدير المتاحة.

ولهذا الغرض، يجري تنفيذ العديد من المشاريع الرئيسية، بما في ذلك تعبئة 3 مليارات درهم لتحديث وتوسيع ميناء أكادير، وإنشاء ميناء أكادير الأطلسي الجاف، وإطلاق منطقة اللوجستيك القليعة جنوب المدينة. علاوة على ذلك، يهدف التشغيل المستقبلي للخط البحري أكادير- داكار إلى تعزيز التجارة جنوب-جنوب.

فيما تهدف الاستراتيجية الوطنية إلى الوصول إلى 400 شركة مُصدّرة سنويًا على الصعيد الوطني، مما قد يُسهم في سد فجوة تصديرية تُقدر بنحو 120 مليار درهم.

ومع ذلك، لا تزال حصة أفريقيا من التجارة الخارجية المغربية هامشية: ففي سنة 2023، ستُمثل 4.6% فقط، مُقارنةً بحوالي 63% للاتحاد الأوروبي، و18.9% لآسيا، و12% للأمريكيتين، وفقًا لمعطيات مكتب الصرف.ورغم ذلك، تُعتبر هذه السوق الأفريقية زاخرة بفرص الأعمال والاستثمارات الكبيرة، حيث يُقدر عجزها بنحو 12 مليار درهم.

وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن المغرب عازم على إنجاز تحدي استرتيجي بتعبئة التعاون جنوب – جنوب، في إطار مشروع المبادرة الأطلسية، الذي يهدف إلى تعزيز التعاون والتنمية في منطقة الساحل والصحراء من خلال ربط هذه المنطقة بالمحيط الأطلسي. وتتوخى المبادرة تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة، وتعزيز النفوذ المغربي فيها، وتطوير العلاقات مع دول مثل مالي وبوركينا فاصو والنيجر، وتمكينها من احتلال مكانتها الإقليمية كقوى اقتصادية يمكنها الاستفادة من مواردها.

وبالرغم من تمتع جهة سوس ماسة، بنسيج اقتصادي ديناميكي، فطالما ظلت المعيقات ومواطن الضعف المشار إليها أعلاه، مهيمنة على الفضاء الاقتصادي والاجتماعي الجهوي، فسيتوالى ويتواصل مسلسل هدر الفرص على المستوى الجهوي.

IIIعلى مستوى المديونية الجهوية

لقد سبق لنا أن نبهنا غير ما مرة إلى ضرورة مراقبة المديونية الجهوية، وإبقاء الوضع تحت السيطرة. وقد برمج المجلس في دورتنا هاته مجددا نقطة الدراسة والتصويت على طلب قرض من صندوق التجهيز الجماعي يتعلق بطلب قرض لتمويل البرنامج الاستثماري الخاص بالنموذج الجديد لعقود التدبير المفوض للنقل العمومي الحضري وما بين الجماعات بواسطة الحافلات،  والذي يقدر بمبلغ 363,71 مليون درهم.

ومن أبرز الإشكاليات المتعلقة بالمديونية في جهة سوس‑ماسة خلال سنة 2025:

  • تراكم الالتزامات التعاقدية والقروض

حيث بلغت التزامات الجهة تجاه المشاريع نحو7.6  مليارات درهم إلى غاية  دجنبر 2024، منها ما يفوق 3  مليارات درهم كقروض مستحقة لدى صندوق التجهيز الجماعي لوحده.

وخلال أكتوبر 2024، صادق المجلس على قرض إضافي بمقدار 1.176 مليار درهم، وهو القرض الثاني بعد قرض سابق بـ 2.09  مليار درهم سنة 2023 ، تلاه خلال هذه الدورة قرض بمبلغ 363,71  مليون درهم لتمويل النقل العمومي.

فـــــإلى أيــن نـــسيـــر؟

  • تجاوز سقف المديونية

رغم أن الحد القانوني للديون هو 28  % من قدرة الاقتراض، إلا أن الجهة تجاوزت بالفعل سقف 16%، ما يترك هامشًا ضيقًا لا يتجاوز 12% لتنفيذ المشاريع المستقبلية . وتظل الجهة قادرة على الاستدانة، لكن ذلك يعرضها لمخاطر القروض، خصوصًا إذا لم تُحسن إدارة المخاطر .

  • ضعف المداخيل الذاتية

تُغطّي الدولة حوالي 91 إلى 92 % من المداخيل  الجهوية (814 مليون درهم)، بينما لا تتجاوز المداخيل الذاتية68  مليون درهم سنة 2025 . وهذا الافتقار إلى موارد ذاتية يزيد من التبعية للتمويل الخارجي ويستنزف قدرات الاقتراض، المحدودة أصلا.

  • اختلال وتسيير مالي عشوائي

تكشف المعطيات المتوفرة عن تجاوز 11 مليار درهم للمساهمات حسب برنامج التنمية الجهوية، بدل 9.8 مليار درهم متفق عليها، مما يعكس برمجة مالية ضعيفة وعشوائية في البرمجة،   مع زيادة الفوائد المدفوعة من الديون، والتي بلغت 63 مليون درهم سنة 2024 مقارنة بـ 50  مليون سنة 2023 .

وبدون إجراء مراجعة شاملة للبرامج والمشاريع الممولة عبر القروض ومقارنتها بالأثر التنموي الحقيقي، مع الانتقال إلى برمجة عقلانية مبنية على مؤشرات أداء  (KPI) أو Indicateur Clé de Performance (ICP) بجانب اعتماد جدولة زمنية ومالية واقعية لتفادي تراكم الالتزامات الغير المؤداة، سنكون مجانبين لمبدإ الحكامة في التدبير.

ويقتضي تعزيز الشفافية والحكامة المالية إحداث مرصد جهوي لتتبع المديونية والبرامج المرتبطة بها، يضم خبراء وممثلي المجتمع المدني، مع النشر المنتظم لتقارير مالية مفصلة، بجانب احترام دور المجلس الجهوي في التقييم والمراقبة، وتفعيل دور المفتشيات العامة (IGAT – IGF).

تعثر المشاريع الهيكلية

رغم ضخامة القروض، لم تُنجز سوى 28 مشروعًا من أصل 94 مبرمجًا بتكلفة 6.3 مليار درهم حتى منتصف ولاية البرنامج، أي ما نسبته 35% فقط.حيث تواجه مشاريع مهمة، مثل توسعة ميناء أكادير، وبرامج تأهيل الطرق والمطارات وأخرى في القطاع السياحي تأخيرات وتعثرًا  نتيجة ضعف الأداء وهشاشة منظومة الحكامة المؤطرة .

وتظل جهة سوس‑ماسة تواجه حلقة مفرغة من الدين الزائد، بموارد ضعيفة، ومشاريع متعثرة، مع ضعف في الاستراتيجية والحكامة، وفرملة تفعيل مبدإ التدبير الحر ومبدإ التفريع كعناصر تعطي نوعا من الحرية للفاعل الترابي لممارسة اختصاصاته من أجل النهوض بالتنمية المندمجة مجاليا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبيئيا. كل ذلك يهدد إنجاز برنامج التنمية الجهوية ويضع الجهة أمام تحدي استدامة مالية حقيقي.

وهنا تبرز أهمية تكثيف المداخيل الذاتية وضبط البرمجة المالية، مع تحسين التدبير السياسي والمؤسساتي، وإعادة ترتيب أولويات المشاريع الهيكلية لتحقيق أهداف التنمية الجهوية المستدامة.

السيد الرئيس،

السيدات والسادة أعضاء المجلس الجهوي،

لا يفوتنا في الأخير، إلا أن نثمن عاليا ما حققته فرق الصفوة جهويا، من صعود نادي أولمبيك الدشيرة إلى دوري المحترفين لأول مرة في ماي 2025، ثم فوزه بكأس التميز في 26 يونيو 2025. هذا بجانب تحقيق فريق أمل تيزنيت لكرة القدم، في ماي 2025 لإنجاز تاريخي بصعوده رسمياً إلى بطولة القسم الوطني الثاني للنخبة، بعد مرور نصف قرن على آخر صعود له، إضافة إلى ضمان فريق حسنية أكادير للبقاء ضمن فرق الصفوة في البطولة الاحترافية الوطنية.

وإذ نهنئ الفرق الجهوية المتميزة، نعتبر هذه النجاحات الرياضية عاملا رمزيا من عوامل تعزيز التماسك الجهوي وتقوية النسيج الرياضي بجهتنا.

السيد الرئيس،

السيدات والسادة أعضاء المجلس الجهوي،

وفي الختام، لا يسعنا إلا أن نعبّر عن تقديرنا الكبير للعمل الجاد الذي اضطلعت به مختلف اللجن الجهوية، وكذا للتوصيات القيمة التي خلصت إليها. فهذه التوصيات تمثل دعامة أساسية ينبغي الاستناد إليها لتقويم الاختلالات وتجويد التدبير المالي والإداري لشؤون الجهة.

كما نؤكد على ضرورة الالتزام الفعلي بتنزيلها، لما لها من انسجام تام مع أهداف وتوجهات البرنامج التنموي الجهوي، الذي يجب أن يترجم إلى إنجازات ملموسة. ويُنتظر من هذا البرنامج أن يشكل مرجعًا أساسياً، ليس فقط لأعضاء الجهة، بل أيضًا للمواطنين، اللذين هم أساسا غاية ومبتغى الجهد الجماعي المبذول، من أجل تمكينهم من الانخراط الفعلي في التقييم والمساءلة والمشاركة البناءة.

 









الرجاء من السادة القراء ومتصفحي الموقع الالتزام بفضيلة الحوار وآداب وقواعد النقاش عند كتابة ردودهم وتعليقاتهم. وتجنب استعمال الكلمات النابية وتلك الخادشة للحياء أو المحطة للكرامة الإنسانية، فكيفما كان الخلاف في الرأي يجب أن يسود الاحترام بين الجميع.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الموقع الرسمي للمستشار البرلماني عبداللطيف أعمو © www.ouammou.net © 2012