?>

دور الجماعات المحلية في ترسيم اللغة الأمازيغية

tiznit
بدعوة من الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة شاركت بلدية تيزنيت في يوم دراسي حول “دور الجماعات المحلية في ترسيم اللغة الأمازيغية” نظم بأكادير يوم السبت 14 أبريل 2012.

نظرا لتزامن انعقاد اليوم الدراسي المنظم من طرف الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة بأكادير مع تنظيم ملتقى أدوز العلمي الحادي عشر بتيزنيت (الذي تم خلاله تكريم العلامة سيدي المحفوظ الأدوزي وتلميذه سيدي أحمد أعمو التيزنيتي، والد عبد اللطيف أعمو) فقد تعذر على الأستاذ عبد اللطيف أعمو حضور اليوم الدراسي.. فمثل المجلس البلدي باللقاء المستشار الجماعي السيد بومهدي لحسن (رئيس لجنة التخطيط والشؤون الاقتصادية والميزانية والمالي ).

وقد قدم المجلس البلدي لمدينة تيزنيت عرضا حول بعض نماذج الجهد الجماعي للنهوض بالثقافة الأمازيغية. وتعميما للفائدة نورد صحبته تقديما للعرض المعد بالمناسبة تحت إشراف الأستاذة راضية أزلماط – النائبة الثالثة لرئيس المجلس البلدي المكلفة با
لتنمية البشرية والشؤون الاجتماعية والصحة والوقاية والتضامن ونائب كاتب المجلس السيد رشيد لشكر.

تقديم نموذج تجربة جماعية للنهوض بالثقافة الأمازيغية – تيزنيت نموذجا (انـــقر هنــا).

ولمزيد من التفاصيل يمكنكم الاطلاع كذلك على تغطية إعلامية بالصوت والصورة للحدث


فــ أي دور للجماعات المحلية في تنمية الثقافة الأمازيغية؟

تضطلع الجماعات المحلية بمسؤولية كبيرة في تنمية الثقافة الأمازيغية، في إطار الاختصاصات الممنوحة لها في مجال التنمية الثقافية. باعتبار أن جزء مهم من الثقافة الأمازيغية مرتبط بالخصوصيات الثقافية المحلية؛ إذا سلمنا بأن الأمازيغية هي مكون أساسي للهوية الوطنية المشتركة بين جميع المغاربة.

ومن المهم التذكير بعمل الجماعات الحضرية والقروية في هذا المجال، باعتبارها تشكل قاعدة الديمقراطية المحلية، كما أن التنمية الثقافية والتراث المحلي هي من صلب اهتماماتها، مقارنة مع مجالس العمالات والأقاليم والمجالس الجهوية.

أولا: الإطار العام لتدخل الجماعات المحلية في التنمية الثقافية

يرتبط الإطار القانوني للتنمية الثقافية المحلية أساسا بمقتضيات الميثاق الجماعي، والتي تهم اختصاصات المجالس الجماعية في المجال الثقافي، ويتعلق الأمر بالقانون 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي، بصيغته المعدلة والمكملة بالقانون 17.08، خصوصا المادة 41 في إطار الاختصاصات الذاتية للمجلس الجماعي.

ومن خلال مقتضيات الميثاق الجماعي في هذا الشأن، يلاحظ أن المشرع قد قام بجمع الثقافة مع المجالين الاجتماعي والرياضي في اختصاص واحد، رغم الفرق الكبير بين هذه المجالات الثلاثة؛ مما يؤدي إلى غموض واضح في تدخل المجلس الجماعي في المجال الثقافي وطبيعة هذا التدخل. كما أن تصنيف الأنشطة الثقافية في آخر قائمة الاختصاصات الذاتية للمجالس الجماعية قد يؤثر نفسيا على اهتمامات المنتخبين الجماعيين، حيث لا ينظرون إلى الثقافة باعتبارها مجالا ذا أولوية في التنمية المحلية.

ويختلف تدخل الجماعات المحلية في المجال الثقافي من جماعة إلى أخرى، وذلك حسب اهتمامات وأولويات المسؤولين المحليين، في ظل عدم وجود استراتيجية واضحة المعالم للتنمية الثقافية المحلية، وبقاء الثقافة رهينة مبادرات شخصية لبعض المنتخبين الذين يحملون الهم الثقافي.

بالإضافة إلى هذا، يصطدم التدخل الثقافي للجماعات المحلية بصعوبات أخرى تقنية، تتمثل أساسا في:

ـ ضعف البنيات التحتية الثقافية المؤهلة، والتي تتوفر فيها معايير الجودة، لتقديم عرض ثقافي في المستوى المطلوب؛

ـ محدودية الموارد المالية الكافية، خصوصا على مستوى الجماعات القروية، والتي تقتصر في الغالب على دعم الدولة، ومعظمها يذهب لمصاريف التسيير. مما يصعب على الجماعات القروية أن تتدخل بسهولة وبمبادرتها الخاصة في المجال الثقافي، وأن تعقد شراكات متوازنة مع باقي الشركاء؛

ـ ضعف الإمكانات البشرية، من خلال غياب أطر متخصصة في مجال التدبير الثقافي لدى الجماعات المحلية، بالإضافة إلى كون المستوى التعليمي للمنتخبين المحليين لا يزال متدنيا.


وإذا كان هذا هو حال الاهتمام الثقافي للجماعات الحضرية والقروية بصفة عامة، فإن وضعية الأمازيغية في هذا الإطار لن تكون سوى غيض من فيض. إلا أن هذا لا يمنعنا من تناول واقع ومكانة الثقافة الأمازيغية ضمن اهتمامات الجماعات المحلية، باعتبارها تدخل ضمن اختصاصاتها في إطار الخصوصيات الثقافية المحلية، سواء من خلال حماية وتنمية التراث الثقافي المحلي، أو حماية وتعزيز التنوع الثقافي الوطني، عبر تنمية الثقافة الأمازيغية والنهوض بها.

ثانيا: مكانة الثقافة الأمازيغية ضمن اهتمامات الجماعات المحلية

كما سبقت الإشارة، فقد أصبحت الأمازيغية عنصرا هاما في التوجه الثقافي للدولة المغربية، في إطار المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي الذي ينخرط فيه المغرب.

وإذا كانت الأمازيغية مكونا أساسيا للهوية الثقافية للمغاربة، بناء على مقومات تاريخية وحضارية مشتركة، فإن مظاهر هذه الثقافة تنجلي بشكل أكبر على المستوى المحلي كخصوصية ثقافية متميزة. وفي هذا الإطار، تبرز أهمية دور الجماعات المحلية في تنمية الثقافة الأمازيغية، باعتبارها المؤسسة الأقرب لانتظارات الساكنة المحلية.

ويمكن تسجيل بعض النماذج من المجالس الجماعية التي بادرت إلى القيام بأعمال من شأنها المساهمة في تنمية الثقافة الأمازيغية، وخصوصا في المناطق التي تتواجد بها ساكنة ناطقة باللغة الأمازيغية. فنجد المجلس الجماعي لأكادير مثلا، قد قام بأعمال مهمة تتوخى تنمية الثقافة الأمازيغية والتراث المحلي، من خلال إنشاء متحف بلدي للثقافة الأمازيغية بمدينة أكادير، والاحتفال برأس السنة الأمازيغية ذات البعد الوطني، وكذلك المساهمة في الأنشطة الثقافية الأمازيغية التي تنظمها الجمعيات، كما أن رمز الهوية البصرية لبلدية أكادير كتب عليه بالحرف الأمازيغي “تيفيناغ” بجانب الحرف الآرامي والحرف اللاتيني.

لكن تدخل الجماعات المحلية في النهوض بالثقافة الأمازيغية، لا ينبغي أن ينحصر في الجماعات التي يتواجد بها السكان الناطقين بالأمازيغية فقط، بل على المجالس الجماعية أن تأخذ بعين الاعتبار مكانة الأمازيغية ضمن برامجها الثقافية باعتبارها ثقافية وطنية لجميع المغاربة.

والملاحظ أن معظم برامج الأحزاب السياسية خلال الحملات الانتخابية، تتم كتابتها باللغة الأمازيغية إلى جانب العربية، لكننا لا نجد امتدادا لهذا الاهتمام خلال العمل الجماعي للمنتخب. هذا الاهتمام الذي ينحصر في بعض المبادرات الشخصية لبعض المنتخبين، وخصوصا في الجماعات المتواجدة بالمناطق الناطقة بالأمازيغية.

ولهذا ينبغي على الجماعات المحلية الحضرية منها والقروية أن تلعب دورها كاملا في النهوض بالثقافة الأمازيغية، سواء كخصوصية محلية أو كمكون أساسي للثقافة الوطنية، على المستوى المعنوي من جهة، من خلال إطلاق أسماء الرموز المحلية على المرافق والأماكن العامة، واستعمال الحرف الأمازيغي “تيفيناغ” في الفضاءات العامة لضمان إشعاعه، وهو الذي تمت المصادقة عليه رسميا في 10 فبراير 2003، ونال الاعتراف الدولي من طرف المنظمة الدولية للمعيرة في 25 يونيو من نفس السنة.

ومن جهة أخرى، من خلال تنظيم أنشطة مرتبطة بمختلف جوانب الثقافة الأمازيغية من مسرح وسينما وأدب وفنون، سواء بمبادرة من المجالس الجماعية ومجالس المقاطعات نفسها، أو بشراكة مع المؤسسات المعنية، وعلى رأسها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، من خلال استشارتها أو الاستفادة من خدمات أطر هذه المؤسسة فيما يتعلق بتكوين المنتخبين المحليين وأطر الجماعات حول أهمية الثقافة الأمازيغية. وكذلك بتعاون وشراكة مع جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالثقافة الأمازيغية، عبر دعم أنشطتها الثقافية، والاستشارة مع الفاعلين فيها لبلورة المشاريع الثقافية المحلية، وذلك من خلال تفعيل الآلية القانونية الجديدة التي حملتها التعديلات الجديدة على الميثاق الجماعي، والمتعلقة بإحداث لجنة استشارية بجانب رئيس المجلس الجماعي تتألف من الفاعلين الجمعويين المحليين.

عموما، ورغم بعض النماذج القليلة من الجماعات المحلية الناجحة في بلورة برامج واضحة المعالم لتنمية الثقافة الأمازيغية، فإن الاهتمام الثقافي عموما يظل محدودا على مستوى المجالس الجماعية، الأمر الذي يستدعي تظافر الجهود لتجاوز هذا الواقع، وخصوصا من خلال توعية المنتخبين المحليين بأهمية الثقافة في تحقيق الانسجام والتماسك الاجتماعي، وكذلك في مساهمتها وانعكاسها الإيجابي على الجوانب الأخرى الاقتصادية والاجتماعية للتنمية المحلية.

عن موقع مغرس – الهاشم أمسكوري


تشكركم – تنميرت









الرجاء من السادة القراء ومتصفحي الموقع الالتزام بفضيلة الحوار وآداب وقواعد النقاش عند كتابة ردودهم وتعليقاتهم. وتجنب استعمال الكلمات النابية وتلك الخادشة للحياء أو المحطة للكرامة الإنسانية، فكيفما كان الخلاف في الرأي يجب أن يسود الاحترام بين الجميع.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الموقع الرسمي للمستشار البرلماني عبداللطيف أعمو © www.ouammou.net © 2012