?>

مقالات حول تعديل القانون الجنائي ومدونة الأسرة

journalouammou

صدر بجريدة بيان اليوم الصادرة باللغة العربية نهاية الأسبوع 24 و 25 مارس 2012مقال حول مقترح تعديل القانون الجنائي ومدونة الأسرة على خلفية قضية أمينة الفيلالي.

ونورد فيما يلي نص المقال تعميما للفائدة.

بداية هذا الأسبوع قدم فريق التحالف الاشتراكي اقتراحين لمجلس المستشارين يرميان إلى تعديل وتكييف المواد 475، 484 و 486 من مجموعة القانون الجنائي مع تكييف وتعديل المواد 20 و21 و22 من قانون الأسرة.

فمنذ أن انضم المغرب إلى الاتفاقية الدولية لحماية الطفل  وإعلانه بصوت عال التزامه الكامل بتنفيذ المواثيق الدولية وانخراطه الكلي في منظومة القانون الدولي، لم يتوقف عن تأكيد التزامه الذي لا رجعة فيه بتكييف تشريعاته الوطنية مع أحكام ومقتضيات القانون الدولي.

ولقد شرع فعلا في تحيين العديد من القوانين الوطنية لملائمتها مع القانون الدولي في عدد كبير من أجزاء من مدونة الشغل ومدونة الأسرة والمسطرة الجنائية ومجموعة القانون الجنائي وقانون الجنسية. كل ذلك في إطار ما تسمح به مقتضيات دستور 1996 الذي انتهى.

وبإعادة النظر في الدستور المغربي بتطويره، وباعتماد المغرب لدستور جديد أراده أن يكون دستورا يمكنه من أن يلعب دوره كاملا في حقل الدول الديمقراطية واندماجه في فضاء الجيل الجديد من الدساتير التي وسعت مجال الحقوق والحريات الأساسية ، وفي مقدمتها الحق في الحياة والحق في الأمن والسلامة الجسدية والنفسية للأفراد، وخصوصا منهم الذين يوجدون في وضعية هشاشة كالنساء والأطفال والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة.

وهذا ما جعل الدولة تصبح في وضع يلزمها بتوفير الحماية القانونية بالتساوي لجميع أفراد المجتمع.

وهو ما يلزم الدولة بتوفير الحماية القانونية بالتساوي لجميع أفراد المجتمع، وضمان المساواة لجميع الأطفال بغض النظر عن وضعهم الأسري. كما تلتزم الدولة بتوفير التعليم الأساسي باعتباره حقا أساسيا من حقوق الطفل، وهو في نفس الوقت واجب مشترك على الأسرة والدولة.

وبمقتضى هذا الوضع الدستوري الجديد، يُنتظَر من المشرع المغربي – وباستعجال – الحرص أشد ما يكون الحرص على ضمان تنفيذ أحكام الدستور. ولقد أصبح  من غير المستحمل والمقبول الاستمرار في تعريض الصحة الجسدية والنفسية للأطفال دون سن 18 عاما، فتيانا كانوا أو فتيات، لمخاطر مختلف أشكال العنف وخاصة منها التهديد والتغرير والاحتيال والاختطاف أو الاغتصاب.. ومهما كانت الأسباب والدواعي.

إن قضية الطفلة أمينة الفيلالي فجرت الوضع اللآ أخلاقي واللآ قانوني واللآ إنساني المستور والمستغل تحت غطاء قانوني سخيف. وهذه الوضعية أصبحت تسائل بحدة وبصفة مباشرة كل ضمائر المجتمع الحية (المجتمع، العدالة ، السلطة، الإنسان الحر، …) وجعلنا ننتظر من المشرع المغربي المبادرة  إلى تصحيح الوضع. وهذا الذي حدا بنا في فريق التحالف الاشتراكي إلى إعداد مقترحي قانونين وعرضهما على مجلس المستشارين بقصد المصادقة عليهما .. ونتمنى أن يبادر البرلمان إلى تصحيح هذه الوضعية التي أصبحت غير مقبولة  لوضع حد للغطرسة واستغلال القانون والإفلات من العقاب وتصحيح السلوكيات المنحرفة التي تؤدي إلى تفسير مشوٌه ومبتُور للقانون.

إن القوانين والجهد التشريعي الجيد لا يكفيان بالتأكيد لمواجهة ظواهر كالزواج القسري، وغيرها من التصرفات الشاذة ، وخصوصا إذا قبلنا أن  تكون التقاليد والأعراف ذريعة لذلك دون التصدي إلى تغيير هذه التقاليد وتطويرها.

وفي هذا السياق، يتعين التفريق بين ما هو من مسؤولية الدولة، وما هو من شأن الممارسات الاجتماعية. فمن واجب السلطة التشريعية الوقوف ضد ممارسات معينة، حتى لو كانت من قبيل العادات والتقاليد، لضمان إجبارية امتثال مثل هذه الممارسات وملائمتها للقانون – الذي يمثل في عمقه إرادة الشعب-

فبلادنا تشهدت تغييرات عميقة في قيمها وفي عاداتها وتقاليدها. وهذا التطور الحاصل لا يمكن أن يكون عرضة أو مطية للرجعية والتخلف.

ومن هذا المنطلق، يسود القانون ويفرض قواعده. فإذا كان القانون وحده لا يكفي لمحاربة العادات القبيحة مثل الزواج القسري، فإن ما تفرضه مسؤولية الدولة يمكن من تجاوز ذلك، كما ينص على ذلك الدستور الجديد، حيث يتطلب الأمر التسريع في مسار التنمية البشرية والرفاه الاجتماعي الذي من شأنه أن يخرج الكثير من السكان خصوصا القاطنين منهم في المناطق القروية من العزلة والتهميش، ومن الجهل والأمية ومن الاحتقار والدونية.

هناك بالتأكيد جهد مبذول ومستمر في هذا المجال. وعلى المشرع المساهمة بقوة في هذا الجهد المجتمعي، وعليه أن يشارك بالتزام وثبات في الورش الذي يهدف إلى تسليط الضوء على القيم الفعلية والحقيقية للمجتمع، مع ضمان التزام المجتمع بها بكامله في سبيل تحقيق التنمية الحقيقية والمستدامة.

ومن هنا تبرز أولوية تحديث وملائمة القوانين مع المبادئ الاساسية والقواعد القانونية التي أسس لها وثبتها الدستور الجديد.

وبالموازاة مع الجانب القانوني، فمن واجب الدولة والمجتمع المدني  الحرص على وقف كل الظواهر الشاذة والمسيئة للمجتمع ككل.

ومن المؤكد أن دور المجتمع المدني وجميع القوى الحية والفاعلة، الاجتماعية منها والاقتصادية والثقافية هام وأساسي في أفق ترسيخ المشروع الكبير الهادف لتحديث المجتمع ودمقرطته وتعزيز وضع إطار قانوني ملائم ومحفز وضامن للحقوق.

وهذا أيضا جزء من الأهداف المرتقبة من تقديم مقترحات تعديل هذين القانونين (مجموعة القانون الجنائي ومدونة الأسرة) ومن هذا المنطلق لن نذخر جهدا للدفاع عن كل هذه المقترحات.

وكما ستلاحظون، فهذان المقترحان مكملان لبعضهما البعض، لأن الموضوع واحد في نهاية المطاف.

نحن نريد من خلال هذين المقترحين إلغاء الفقرة الثانية من المادة 475 التي تعتبر عارا ، زيادة على كونها تمس بالصحة النفسية والجسدية للطفل، واستبدالها بمقتضى زجري قوي يحرم كل أشكال العنف ضد الأطفال، مع التأكيد على عدم ترك المجال لأي نوع من الإفلات من العقاب وكل ما يمكن أن يتخذ كتدبير خاص استثنائي يتعلق بالعار والحرمة أو تجنب الفضيحة بغض النظر عن دوافع العنف الممارس ضد الطفل واعتباراته.

أما بالنسبة لقانون الأسرة، فنحن نريد حذف كل استثناء للقاعدة، التي تنص على أن سن الرشد هو 18 سنة والذي هو أيضا سن الزواج القانوني بالنسبة للفتيان والفتيات، دون ترك مجال لتأويل و لتفسير سيئ للقانون، مع التركيز على معيارين رئيسيين بالحصر اعتمدتهما المدونة نفسها ، يتعلق الأمر بمعيار سن الأهلية للزواج المحدد في 18 سنة والقدرة الجسدية والعقلية على الزواج.

       عبد اللطيف أعمو









الرجاء من السادة القراء ومتصفحي الموقع الالتزام بفضيلة الحوار وآداب وقواعد النقاش عند كتابة ردودهم وتعليقاتهم. وتجنب استعمال الكلمات النابية وتلك الخادشة للحياء أو المحطة للكرامة الإنسانية، فكيفما كان الخلاف في الرأي يجب أن يسود الاحترام بين الجميع.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الموقع الرسمي للمستشار البرلماني عبداللطيف أعمو © www.ouammou.net © 2012