?>

اليوم العالمي للمرأة

333883577_718723076400534_4325091163056085611_n

يحتفل المنتظم الدولي كعادته باليوم العالمي للمرأة لسنة 2023 تحت شعار: “الرقمنة للجميع: الابتكار والتكنولوجيا من أجل المساواة بين الجنسين” للتأكيد هذه السنة على قوة التكنولوجيا الرقمية بالنسبة للنساء والفتيات، حيث اتضح استخدام وتوظيف المدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات الحقوقيات والفاعلات في الحركات النسوية للقوة التأثيرية للتكنولوجيا الرقمية من أجل التواصل مع الآخرين وتعبئة الموارد وإحداث تغيير اجتماعي.

127-153527-twin-earliest-birth-world-3

وقد تجلى هذا بشكل صريح في إقدام النساء والفتيات على إطلاق حملات عبر الإنترنت من أجل إلغاء الحظر الشبه التام على الإجهاض في كولومبيا وإيرلندا، أو في استخدام الشابات في أفغانستان وإيران لوسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن رأيهنّ جهارًا وتحدي الأعراف الذكورية المتحجرة والمطالبة بالمساواة. فيما كانت النساء في السودان في طليعة الاحتجاجات ضد الأصولية الدينية بالأمس وضدّ الحكم الاستبدادي اليوم، عبر استخدام الأدوات المتوفّرة عبر الإنترنت لتعبئة السكان وإيصال صوتهن للعالم.

وعكس هذا المنحى الإيجابي التحريري للعالم الرقمي، فالعديد من النساء والفتيات، ما زلن يواجهن العنف الجنساني والتنمر والاعتداءات المعادية للمرأة والاستبعاد والتهميش في الفضاء الرقمي.

وقد انطلقت بالموازاة مع الاحتفال باليوم العالمي أشغال الدورة الـ67 للجنة وضع المرأة الأممية، حيث أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، في كلمته بأن قرونا من النظام الأبوي والتمييز والتنميط أحدثت “فجوة كبيرة بين الجنسين” في العلوم والتكنولوجيا، مسجلا أن النساء لا يمثلن سوى 3 % من الحائزين على جائزة نوبل في فئات العلوم، معتبرا بأن عدم المساواة بين الجنسين تعد مسألة سلطة، داعيا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتحقيق المساواة في السلطة، من خلال تعزيز التربية والتكوين وتنمية الدخل وتوظيف النساء والفتيات، لا سيما في بلدان الجنوب.

وعلينا جميعا أن نساهم في تفعيل الشعار الأممي لهذه السنة بتعزيز حقوق النساء والفتيات بكل تنوعهن في الفضاء الرقمي، والسهر على إيجاد بيئة رقمية “آمنة ومأمونة” للنساء والفتيات، والتصدي بشكل جماعي للخطابات المناهضة للحقوق والنوع الاجتماعي، التي تستخدمها مجموعات لتضليل المجتمعات وتقويض النهوض بحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين.

فعلى المستوى الوطني، تشير آخر مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط حول المميزات الأساسية للسكان النشيطين المشتغلين خلال سنة 2022 إلى أن 15,3 مليون من السكان المغاربة في سن النشاط يوجدون خارج سوق الشغل، وأن ما يقارب ثلاث أرباع غير النشيطين (73,1%) هم من النساء. فبحجم يقدر ب 11,2 مليون شخص، تمثل النساء المتواجدات خارج سوق الشغل 80,2% من النساء في سن النشاط.

كما أن أكثر من شاب من بين أربعة تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 24 سنة ( 1,5 مليون)، على المستوى الوطني، لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين. وما يقارب 72,8% منهم نساء، 40,6 % منهن متزوجات، و 68,2 % يتوفرن على شهادة.

فإضافة إلى ضعف مشاركتهن في سوق الشغل، يبلغ معدل البطالة النسوية ذروته 61,4 % في صفوف الشباب حاملي الشهادات ذوي المستوى العالي. مما يؤكد ضرورة إيلاء أهمية خاصة لإشراك المرأة في مسلسل التنمية، وإذكاء وعي المجتمع المغربي بهذه القضايا.

كما ذكر تقرير حديث للمندوبية السامية للتخطيط، أن نسب العنف ضد النساء في المغرب ما تزال مرتفعة، بالرغم من دخول القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء حيز التنفيذ منذ أزيد من أربع سنوات؛ وعلى الرغم من الحملات التحسيسية التي تنظيم بين الحين والآخر، وبيَّـــن التقرير أن حواليْ 57% من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و74 تعرضن لشكلٍ واحد من أشكال العنف على الأقل خلال 12 شهراً التي سبقت البحث المذكور. وأن العنف الزوجي ضد النساء قد كلف أكثر من 158 مليون و200 ألف دولار، تتحملها الأسر الخاضعة للعنف.

كما أن ظاهرة تزويج القاصرات تظل ظاهرة متصاعدة بالمغرب، حيث ارتفع العدد مؤخرا من 12 ألف حالة (2020) إلى 19 ألفا (2021).. وهناك مطالب بتعديل قانوني، والتقليص من نوافذ الاستثناء، حين يتعلق الأمر بقضايا المساواة.

والأكيد أن مسألة ضعف مشاركة المرأة في سوق الشغل، وهشاشة وضعها الاقتصادي، مرتبط بهشاشة وضعها الاجتماعي والثقافي والاعتباري. مما يستدعي معالجة شاملة تهم مجموعة من المستويات، الاجتماعية منها والثقافية، وحتى الاقتصادية، بالإضافة إلى ضرورة تقوية حملات التوعية على قيم المساواة والعدالة الاجتماعية، خصوصا في المدرسة وداخل الأسرة وفي الفضاء الجمعوي وعبر وسائل الإعلام العمومية، وتحسين مستويات التربية والتكوين، وبالأساس، في المجالات القروية المعزولة التي لا تصلها التأثيرات الثقافية والمكتسبات التنموية.

8mars-2023-ar1

وعلى الرغم من التقدم الحاصل بشكل عام في مجال النهوض بوضعية المرأة، فما زالت هناك العديد من التحديات، وخصوصا على مستوى التحديات القانونية والسوسيو اقتصادية، حيث لا تزال الفجوات قائمة بين الجنسين في المشاركة في القوى العاملة في جميع المناطق، وخصوصا في العالم القروي.

وتؤكد الأرقام المتوفرة بأن تقليص الفجوة القائمة بين الرجال والنساء في منطقتنا سيساهم في مضاعفة نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي من خلال النشاط الاقتصادي بقرابة 20 %

وهو ما يؤكد الحاجة إلى مواصلة المزيد من الإصلاحات القانونية لتحقيق المساواة الحقيقية بين الرجال والنساء، بتعزيز التمكين الاقتصادي للنساء، ودمج انشغالات النوع الاجتماعي في ورش الحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى إشراك المرأة في مختلف مراكز القرار، خصوصا، وأن البنية الديموغرافية العالمية الجديدة تظهر تغييرا مهما للغاية على صعيد الأسرة، بانخفاض معدل الخصوبة بشكل كبير من 5.6 % في ثمانينيات القرن الماضي إلى 2.12 % في الوقت الراهن، وبتموقع الأسرة كصلة مركزية في رفاهية الطفل ونموه، إضافة إلى دور الأبوة الإيجابي كنهج جديد للعمل مع الأسرة.

وهذا ما يستدعي، كدعامة أساسية لكل تحول، وكتثمين للمجهودات الدؤوبة التي تقوم بها المرأة المغربية في كل الميادين، مضاعفة الجهد، لكي تلمس الفتاة والمرأة ثمار وفائدة هذا المجهود النضالي، كما هو الشأن بالنسبة لإنصاف المرأة السُّلالية ومنحها حقها في هذه الأراضي، استنادا على مبادئ الدستور والمعايير الدولية، وعملا بقاعدة المساواة، ومراعاة لمقاربة النوع التي ينص عليهما الدستور في فصوله (6 و19 و32).

وهو ما يقتضي مراجعة مدونة الأسرة وغيرها من القوانين المجحفة في حق المرأة، باعتماد رؤية حداثية واضحة، وعلى أساس التأكيد على محورية قضايا حقوق المرأة المرتبطة بالعدالة والتمكين الاقتصادي، في إطار الأسرة المغربية كنواة مجتمعية قوية ومركزية، وكمدخل أساسي لتثمين أدوار المرأة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية، وبالانفتاح على المشترك الإنساني الكوني في هذا المجال، خصوصا بعد انخراط المغرب في مسلسل الاتفاقيات الدولية كـ «بكين 1995»، وتوقيعه على تسع اتفاقيات والتزامات أساسية، تضم جميع الحقوق السّياسية والمدنية، وعلى رأسها «سيداو»، وباعتبار أن تقدم المغرب يبقى رهينا بمكانة المرأة القوية الصلبة في المجتمع، وبمشاركتها الفاعلة في مختلف مجالات التنمية.

عيد سعيد لكل نساء العالم، وكل عام والمرأة المغربية بألف خير.

 

عبد اللطيف أعمو

 









الرجاء من السادة القراء ومتصفحي الموقع الالتزام بفضيلة الحوار وآداب وقواعد النقاش عند كتابة ردودهم وتعليقاتهم. وتجنب استعمال الكلمات النابية وتلك الخادشة للحياء أو المحطة للكرامة الإنسانية، فكيفما كان الخلاف في الرأي يجب أن يسود الاحترام بين الجميع.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الموقع الرسمي للمستشار البرلماني عبداللطيف أعمو © www.ouammou.net © 2012