?>

عبد اللطيف أعمو في حوار مع جريدة “الأحداث المغربية”

ouammou1

تحركت الهيئات السياسية والحقوقية للرد على تصريح لوزير العدل قال فيه إن المغرب ما زال غير مستعد لإلغاء عقوبة الاعدام إثر إجابته على سؤال لفريق التحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين في الموضوع.

يومية “الأحداث المغربية” أجرت حوارا مع عبد اللطيف أعمو، رئيس فريق التحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين في الموضوع، نشر في الصفحة العاشرة من عددها 3230 ليوم الاثنين 10 دجنبر 2007، هذا نصه:

تحت عنوان :

عقوبة الإعدام قضية حقوقية أم نقاش عقائدي؟

عبد اللطيف أعمو ( عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية)

ورئيس فريق التحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين في حوار مع جريدة “الأحداث المغربية”

إلغاء عقوبة الإعدام قضية حقوقية ولا علاقة لها بالدين.

■ كيف تلقيتم تصريح وزير العدل بأن المغرب يسير تدريجيا نحو تعليق عقوبة الإعدام إلى الإلغاء النهائي لها هل هو تراجع أم إبقاء الحال على ما هو عليه؟

■■ لم يسجل موقف وزارة العدل من خلال تصريح وزير العدل أمام مجلس المستشارين أي تراجع فيما يتعلق بإلغاء أو تعليق عقوبة الإعدام،بل أعاد طرح ما ينشغل به ضمن تشريعاته الوطنية.وبالعودة إلى تصريح وزير العدل نجده يشدد على أن الوضع الراهن للسياسة الجنائية بالمغرب لم يستكمل بعد الشروط الموضوعية للوصول إلى الحسم في مسألة إلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب.وما طلبناه من خلال السؤال الذي وجهناه للحكومة هو توضيح الأسباب والدواعي التي جعلت المغرب يمتنع عن التصويت على تعليق عقوبة الإعدام داخل اللجنة الثالثة بالأمم المتحدة، التي تعتبر في واقع الأمر مرحلة انتقالية بالنسبة للدول المترددة في المصادقة على الاتفاقية الدولية بهذا الشأن من أجل تشجيعهما على الاتجاه نحو إلغاء عقوبة الإعدام من تشريعاتها الوطنية، انطلاقا من ضرورة احترام مبدأ الحق في الحياة.فإعدام شخص في الواقع جريمة، وبالتالي فإنه لم يعد مسموحا العقاب بجريمة. ومن خلال التطور الحاصل في السياسة العقابية، فإن العقاب ليس انتقاما وإنما إصلاحا،ويجب أن يقترن بضرورة احترام حقوق وكرامة السجين. والقانون المغربي ينص على ذلك صراحة.والتنصيص في التشريعات الجنائية المغربية باحترام حرية وكرامة السجين منذ 1999 شئ ايجابي جدا، وهو تأكيد على تطوير للمنظور العقابي. واعتبرنا بمناسبة إثارتنا لهذا الموضوع أن المغرب حقق تقدما مهما، ويأتي في مقدمة الدول النامية، ويتوفر على رصيد يؤهله أن يكون من الدول السباقة إلى إلغاء عقوبة الإعدام.ورغم ذلك فإن تصريح وزير العدل يكشف أن هناك فعلا إرادة لتعليق التنفيذ الفعلي لعقوبة الإعدام الذي يتماشى مع واقع الحال بالبلاد، وعمليا لم ينفذ أي حكم منذ 1993،وخلال أكثر من 35 سنة أي منذ 1973 لم ينفذ بالمغرب سوى حكمين فقط، مع العلم أن عدد المحكومين بالإعدام في مختلف السجون يصل إلى أكثر من 120 حالة. ومن الناحية الموضوعية، فإن ما يميز المغرب على مستوى تنفيذ عقوبة الإعدام يمكن أن يشكل فرصة له للمصادقة على الاتفاقية المذكورة. هذه الاتفاقية لا تلزم أي دولة بتعليق تنفيذ العقوبة، بل للإعلان فقط عن الاستعداد.

■ هل ترون أن المنظمات الحقوقية مطالبة بمواصلة الضغط على الحكومة من أجل إقرار إلغاء نهائي للعقوبة من التشريعات الوطنية؟

■■ أكيد أن المطلوب من منظمات المجتمع المدني الاستمرار في مطالبها، لأن هذه المرحلة تقتضي الالتفاف على هذه القضية للوصول إلى نتيجة إيجابية. كيفما كانت مبررات الحكومة حول الامتناع عن التصديق عن الاتفاقية. فهي على كل حال لن تضيف التزامات أخرى للمغرب، وإنما هي في الحقيقة تزكية لما حصل، باعتبار أن المغرب أبدى استعدادا ولديه مشروع وإرادة معلنة لتوفير كل الشروط من أجل السير تدريجيا نحو الإلغاء الفعلي لعقوبة الإعدام.والنقاش المطروح الآن بين طرفين لكل منهما حججه ومبرراته. فهناك طرف يدعو إلى الإلغاء وطرف أخر يحتفظ على هذا الإجراء،لأنه في نظره لا زالت هناك مخاطر تستدعي الإبقاء عليها في المنظومة العقابية ولو شكليا. وهو ما تشهره الدولة في نظامها الجنائي في مواجهة كل من يحاول المساس بنظامها وأمنها الداخلي.والاتجاه السائد أو الغالب يرى بأن المغرب حقق مكتسبات على المستوى الحقوقي، تسير في اتجاه تدعيم مشروعه المجتمعي، وبالتالي يجب تأكيد هذا التوجه. والتصريح بالسير التدريجي نحو حذف العقوبة تدعيم لهذا المسار. والمطلوب من الجمعيات الحقوقية الضغط أكثر في هذا الاتجاه، حتى يكون موقفها متطابقا، والقيام بعمل تحسيسي أكثر لدى المهتمين والمعنيين لرفع درجة الضغط ، وإعادة طرح الموضوع من جديد في كل مناسبة.

■ هناك من يستند إلى مبررات دينية للقول بضرورة الإبقاء على عقوبة الإعدام في التشريع المغربي؟

■■ هذه مسألة خاطئة، لأن الأمر يتعلق هنا بقضية حقوقية صرفة، ولا يتعلق الأمر بقضية دينية أو عقائدية، وكل طرح في هذا الاتجاه لن يكون إلا خاطئا، ثم إن المبدأ الأساسي في الدين هو احترام حياة الإنسان وكرامته، والقتل من منظور الدين حرام، وأن يقع القتل بمبرر قانوني حرام. وإلا فما معنى أن تزهق الروح بمبرر قانوني، هذا هو جوهر التناقض في مقاربة من يستندون إلى الدين في هذه القضية، والتناقض موجود أيضا حتى على المستوى القانوني.و أعتقد أن أصحاب هذا الرأي يريدون أن يحملوا الدين ما لا يتحمله. وما أظن أن هناك ديانة تسمح بذلك. المبالغون في فهم الدين يحملون مشروعا يتنافى مع المشروع الحقوقي الإنساني المرن.

■ لكن أصحاب هذا الرأي يستندون إلى مبدأ القصاص الوارد في الشرع والدين.

■■ إذا كان القصاص مبدأ دينيا، فإن العدل كذلك مبدأ ديني. بل هناك أشياء كثيرة أخرى في الدين، لكن قضية مثل إلغاء عقوبة الإعدام تخضع للقانون الإنساني، فلا أحد يمكن أن ينزع الحق في الحياة من أحد.

■ هل هناك تنسيق فيما بينكم وباقي المنظمات الحقوقية بمناسبة إثارتكم لهذا الموضوع في البرلمان؟

■■ لا ليس هناك تنسيق في هذه الحالة، وإنما أثرنا الموضوع انطلاقا من برنامجنا السياسي، وانطلاقا من واجبنا في مراقبة العمل الحكومي، وكطرف في الحكومة، لمسائلتها حول قضية جوهرية ومطالبتها بتحسين تعاطيها مع القضية.كما أن إثارتنا للموضوع تندرج في إطار إيماننا بالمشروع المجتمعي الحداثي، وواجبنا كفريق برلماني العمل على استيضاح رأي الحكومة، خصوصا بعد موقف المغرب الذي كنا ننتظر أن يصادق على الاتفاقية، إلا أنه موقفه مفاجأة بالنسبة لنا ، وهذا سبب رئيسي لإثارتنا الموضوع.

■ هل تنظرون إلى موقف الحكومة على أنه موقف إيجابي أم سلبي ؟

■■ موقف المغرب بالامتناع لا يمكن إلا أن يكون إيجابيا علما أن العديد من الدول النامية صوتت ضد الاتفاقية، غير أننا كنا نتوقع أن يكون موقفنا متطابقا مع واقع الحال، وأن يكون الخطاب جادا. وبالتالي فإن النقاش الآن يجب أن ينصب على مطابقة الواقع، والعمل على إعادة النظر في تشريعاتنا.وبذلك سنستطيع الوصول إلى إقناع الحكومة للتوجه نحو إلغاء تام لعقوبة الإعدام، ولكن ذلك يحتاج إلى حوار بين كل الفرقاء والمهتمين والمعنيين بالموضوع.

■ ألا ترون أن إثارة الموضوع من قبلكم باعتباركم جزءا من الأغلبية قد أحرج الحكومة ؟

■■ طبيعي جدا أن يسبب إحراجا للحكومة، وأرى أن جواب وزير العدل اعتمد على تحليل فلسفي وعلمي، ولكن لا يلغي أو ينفي وجود سيرورة متطورة نحو الإلغاء، إذا توفرت الظروف الموضوعية لذلك.

أجرى الحوار: محمد ياسين

يومية “الأحداث المغربية”

عدد 3230 – الاثنين 10 دجنبر 2007الملحق السياسي – ص 10









الرجاء من السادة القراء ومتصفحي الموقع الالتزام بفضيلة الحوار وآداب وقواعد النقاش عند كتابة ردودهم وتعليقاتهم. وتجنب استعمال الكلمات النابية وتلك الخادشة للحياء أو المحطة للكرامة الإنسانية، فكيفما كان الخلاف في الرأي يجب أن يسود الاحترام بين الجميع.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الموقع الرسمي للمستشار البرلماني عبداللطيف أعمو © www.ouammou.net © 2012