?>

لقاء استماع مع لجنة صياغة “مشروع القانون التنظيمي الخاص بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية”

1

بدعوة من رئيس اللجنة المكلفة بصياغة مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية” عقد لقاء تشاوري بمجلس المستشارين يوم الإثنين 28 دجنبر 2015 مع السيدات والسادة رؤساء الفرق ومنسقي المجموعات البرلمانية حضره المستشار عبد اللطيف أعمو، بصفته منسقا لمجموعة العمل التقدمي بمجلس المستشارين.

وكان الهدف من اللقاء هو الاستماع إلى آراء وملاحظات السيدات والسادة البرلمانيين في الموضوع.

وبالمناسبة، قدم السيد عبد اللطيف أعمو ملاحظاته للجنة على شكل تقرير عنوانه 

“كل لغة جميلة عند أهلها” 

وفقا للمحاور التالية التي ركز فيها المستشار البرلماني عبد اللطيف أعمو على النقط التالية:

القضية الأمازيغية هي في منظورنا مسار طويل للنضال من أجل المساواة، توج بدسترة الأمازيغية في سنة 2011. وهي قضية تطرح إشكالية الدولة بأسسها الإيديولوجية والتاريخية والثقافية والهوياتية. وتطرح أسئلة جوهرية حول العلاقة بين المواطن والدولة وحول مرجعياتنا الفكرية والسياسية.

وهي قضية متشعبة تتضمن في ثناياها الكثير من الأسئلة، ومن أهمها اعتماد الدولة أساسا منذ فجر الاستقلال على النموذج اليعقوبي الفرنسي في التوحيد اللغوي uniformisation واعتماد العنصر اللغوي الواحد وإقصاء عنصر التعدد والاختلاف واعتباره مهددا لقوة ووحدة الدولة، بجانب “الصراع” المجتمعي القائم بين التقليدانية والعصرنة والحداثة.

وهذه الايديولوجيا الهوياتية معيقة للتقدم. في الوقت الذي أبدع فيه العالم تجارب رائدة في مجال تدبير التنوع الثقافي في مختلف البلدان في إطار من التعايش والسلم الاجتماعي والتلاحم الوطني.

للاطلاع على المزيد في الموضوع، انظر:

أعمو في رحلة دراسية لاكتشاف السياسة اللغوية السويسرية – ماي 2012

أجندة أعمو: من 22 إلى 26 أبريل 2012

ولعلنا بالتأسيس لمجلس وطني للغات والثقافة المغربية سنتجاوز اختزال الهوية في احتكار أحادي أو ثنائي (الفرنسية والعربية) إلى تعددية لغوية بناءة مبنية على عصارة حضارات متكاملة ومتناقحة ومتلاقحة، وفقا لما نصت عليه ديباجة دستور 2011 وما جاء في الفصل الخامس منه، واعتبار الوطن ملتقى للحضارات التي تلاقحت وتفاعلت على مر العصور والأحقاب التاريخية ، فولدت هوية وطنية مدمجة للجميع.

كما ينتظر من هذه المبادرة المؤسساتية أن تضع حدا لتفقير الهويات المتعددة. فقد شيد البناء الثقافي واللغوي عبر عقود خلت على حيف وظلم يتمثل في تفقير الهويات المتعددة واختزالها ومحاولة إبادة مكونات ثقافية وهوياتية جوهرية في البناء الوطني، ومنها الثقافة الأمازيغية والحسانية واليهودية بشكل أساسي. وهذا يطرح في العمق مشكل الديمقراطية والمساواة والعدالة في السياسة الثقافية واللغوية.

وبعد خطاب أجدير في 2001 تم توفير السند الدستوري والقانوني بترسيم اللغة الأمازيغية في الدستور سنة 2011 (10 سنوات بعد الخطاب التاريخي لأجدير)

وتناولت مداخلة المستشار البرلماني عبد اللطيف أعمو فيما بعد المحاور التالية:

1- الإشكاليات الإحصائية:

في مرحلة ما بعد الاستقلال، تشكل نسبة الناطقين بالأمازيغية ما يقارب 85% من المغاربة.

وجاء إحصاء 2004 برقم يحصر الناطقين بالأمازيغية في 28 %

أما إحصاء 2014 ، فيخلص في الجانب اللغوي إلى أن:

  • 99,1% من ساكنة جهة الدار البيضاء الكبرى – سطات تستعمل الدارجة المغربية كلغة محلية، تليها جهة الرباط – سلا – القنيطرة بنسبة 98,6% ثم جهة طنجة – تطوان – الحسيمة بنسبة 97,3%.
  • 70,2% من ساكنة جهة سوس-ماسة تستعمل تشلحيت كلغة محلية.
  • 48,8% من ساكنة جهة درعة – تافيلالت تستعمل تمزيغت كلغة محلية.
  • 38,4% من ساكنة الجهة الشرقية و  8,2%من ساكنة جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تستعمل ترفيت كلغة محلية.
  • 36,9% من ساكنة جهة العيون-الساقية الحمراء و20,4%  من ساكنة جهة كلميم-واد نون و 18,4% من ساكنة جهة الداخلة-واد الذهب تستعمل الحسانية كلغة محلية.

 

  • 89,8% من الساكنة تستعمل الدارجة المغربية كلغة محلية (96,0%  بالوسط الحضري و 80,2%بالوسط قروي).
  • 26,7% من الساكنة تستعمل الأمازيغية كلغة محلية (15% منها تستعمل تشلحيت،7,6%  تمزيغت، 4,1% تريفيت).
  • 18,4% من ساكنة جهة الداخلة-واد الذهب تستعمل الحسانية كلغة محلية.
  • 0,9% من الساكنة تستعمل الحسانية كلغة محلية (1,2% بالوسط الحضري و 0,4%بالوسط قروي)

مما يطرح إشكالية التعامل مع المعطى اللغوي في بعده الجهوي مع اعتماد نظام الجهوية المتقدمة ببلادنا.

مع إبداء ملاحظات عامة: أن اللغة الأمازيغية هي الأصل، وأن الأمازيغي اليوم – بغض النظر عن المعطيات الاحصائية – ليس هو الناطق بالأمازيغية فقط، بل من لديه شعور بالانتماء للهوية والثقافة الأمازيغية بين عموم المواطنين. والمطلوب اليوم أساسا، هو إيجاد صيغة تحدث نوعا من التوازن بين مكونات الهوية الوطنية من أجل تقوية الذات الوطنية وتعزيز الاستقرار الوطني وإنجاح الانتقال الديمقراطي والمعركة من أجل التنمية والعدالة والديمقراطية.

ثقافتنا بنية متكاملة غير قابلة للتجزئء. فلا مجال هنا مثلا لنبذ طقوس “إمعشار” أو “بيلماون” كتعبير غير مادي بوصفها بالطقوس الوثنية مثلا (!)

فالثقافة ليست هيكلا ينتقي منه كل واحد منا ما شاء ويترك ما شاء، بل هي بنية شاملة ومتكاملة . ويمكن تصويرها كفسيفساء يزداد جمالها بتناغم مختلف أشكالها وألوانها.

2- بعض أبعاد تطور القضية الأمازيغية:

تطورت القضية الأمازيغية على مدى نصف قرن إلى أن أضحت مطلبا شعبيا نادت العديد من الهيئات والمنظمات السياسية والنقابية والجمعوية إلى ترسيمها كلغة وطنية بجانب اللغة العربية في دستور 2011. مما يستدعي جملة من الملاحظات حول التعثر الحاصل في هذا المسار :

أ- الجانب الحقوقي (الأمازيغية والحالة المدنية):

إن الحملات الإعلامية وعلى مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، تلح مؤخرا على قضية منع تسجيل إسم “أيور” الأمازيغي (بدر أو قمر) في الحالة المدنية، لكن النشطاء ضمن الحركة الأمازيغية يتحدثون عن أرقام غير مسبوقة في تاريخ الحكومات المغربية، حيث سجل أزيد من 25 اسم أمازيغي تم منع تسجيله بسجلات الحالة المدنية.

ب- موقع الأمازيغية في المنظومة التربوية:

منذ سنة 2003 تم إدراج الأمازيغية في التعليم، ولكن هناك تراجع في وتيرة الإدماج وفي فعالية برنامج التعميم… وعلينا الحرص عموما على إعادة تأهيل اللغات الوطنية  Aménagement linguistique لضمان تنافسيتها وقدرتها على التأقلم مع مقتضيات العصر ورهانات العولمة الثقافية.

ت- إدماج الأمازيغية في وسائل الإعلام:

تم إدراج الأمازيغية في وسائل الإعلام منذ سنة 2004، لكن الإنتاج التلفزي الأمازيغي الفعلي لم يتم إلا في سنة 2006.

للتذكير، فإن أول من تحدث الأمازيغية في برنامج تلفزي كان هو الدكتور عمر امرير… فتم قطع البث بعد 10 دقائق من بداية البرنامج. وظهر شريط فيه “نعتذر عن هذا العطب الفني…” ! لأن منشط البرنامج آنذاك ارتأى أن يسمح لضيفه من الفنانين الأمازيغيين أن يتحدث بالأمازيغية مباشرة… كل هذا أصبح اليوم من قبيل الدعابة

الدولة اليوم اعترفت بأن الأمازيغية مسؤولية وطنية تهم كل المغاربة.

ج- مكانة الإبداع الأمازيغي:

الحرص مستقبلا على عدم إقصاء الإبداع الأمازيغي من نصوص القوانين الصادرة المتعلقة بالتراث اللآمادي للمغاربة. ويتعلق الأمر بمجال الكتاب والمسرح والفنون التشكيلية والسينما… وغيرها)

على سبيل المثال، في المجال السينمائي، ما زال تقديم الطلبات للمركز السينمائي المغربي ينص على أن السيناريوهات يجب أن تكون مكتوبة باللغة العربية. وهذا يتناقض مع مبدإ المساواة بين اللغتين الوطنيتين.

د- الأمازيغية في المقررات المدرسية:

مراعاة الترسيم في المناهج المدرسية واعتماد حقوق الإنسان بمفهومها الشمولي ونبذ العنصرية واللآمساواة في المقررات المدرسية، وإعطاء الأمازيغية مكانتها اللآئقة بها بعيدا عن التناول الفلكلوري أو القدحي…

ص- إدماج الأمازيغية في المؤسسة التشريعية:

في مجلس النواب:

يوم 30 أبريل 2012 تدخلت البرلمانية فاطمة شاهو المعروفة بتبعمرانت بمجلس النواب بالأمازيغية لمسائلة وزير التربية الوطنية حول تدريس الأمازيغية… فتم إيقاف البرلمانية لتتناسل نقط النظام مطالبة باتخاذ تدابير وإجراءات لتسهيل الترجمة بدعوى أن البرلمانيين لا يفهمون ما يقال؟

في مجلس المستشارين:

في يوم 18 يونيو 2013 تدخل المستشار البرلماني عبد اللطيف اعمو لإحاطة المجلس علما بقضية طارئة بمناسبة مرور سنتين على قرار ترسيم الأمازيغية. فتمت مقاطعته من طرف رئيس الجلسة بدعوى عدم توفر مجلس المستشارين على مترجمين والمطالبة بإخراج القانون التنظيمي الذي عليه حل شكليات استعمال اللغة الأمازيغية تحت قبة البرلمان.

3- مسؤولية الحكومة تشريعيا:

1) الحكومة التزمت في مخططها التشريعي في صيغته الثانية بإخراج القانون التنظيمي لترسيم الأمازيغية إلى الوجود، لكنها صنفته (في الصيغة الثانية للمخطط) في المرتبة الخامسة.

2) وارتباطا بتأخير خروج القانون التنظيمي بترسيم اللغة الأمازيغية، فإنه يتعين إعادة تحيين القوانين التنظيمية المصادق عليها بعد صدور دستور 2011، والتي ترتبط في أجرأتها الفعلية وربطها بمصلحة المواطنين وبحياتهم اليومية، بإدماج الطابع الرسمي للأمازيغية ضمن مقتضياتها.

3) وهذا جهد تشريعي إضافي كان من الممكن تجنبه لو تم إصدار القانون التنظيمي لترسيم الأمازيغية قبل إصدار القوانين التنظيمية الأخرى والمرتبطة بمكانة الأمازيغية في المنظومة المجتمعية ككل.

4- كلفة ترسيم اللغة الأمازيغية:

سبق أن ورد في العديد من اللقاءات الثقافية، أن رئيس الحكومة يتخوف من الكلفة المالية لترسيم اللغة الأمازيغية. ما هو التقييم الموضوعي والجدولة الزمنية للشروع في أجرأة الترسيم قانونيا وماليا.؟

خلاصة عامة:

نحن لسنا في وضعية صراع لغوي بين العربية والأمازيغية، ولسنا في مواجهة بين اللغتين الوطنيتين واللغة الفرنسية أو اللغات الأجنبية الأخرى.

وجلالة الملك سبق له أن شدد على ذلك في خطابه الافتتاحي للسنة التشريعية الخامسة من الولاية التاسعة للبرلمان المغربي في أكتوبر 2015، بقوله ب” أن الأمازيغية والعربية لغتان كانتا دائما عنصر وحدة، ولم تكونا أبدا سببا للانقسام، مردفا أن مجلس اللغات يجب أن يضم كل المؤسسات ذات الصلة بالمجال”

وأن الأمر لا يختصر فقط في إصدار القوانين والمصادقة عليها، بل يتعدى ذلك كله إلى ضرورة الأجرأة الفعلية وربط تلك القوانين بمصلحة المواطنين وبحياتهم اليومية…

  • فلدينا لغتان رسميتان قائمتان على مستوى الوثيقة الدستورية، ومطروح علينا إشكال الانفتاح على ثقافات العالم (الفرنسية والانجليزية والاسبانية والصينية…) بشكل قوي وملح.
  • ترسيم الأمازيغية هو ترسيم للفروع الثلاثة (تشلحيت – تاريفيت – تمزيغت) في توافق وانسجام harmonisation
  • مشكلة الهوية هي مشكلة مكونات لغوية وثقافية غير مدمجة مؤسساتيا، بحكم أن الدولة المغربية ورثت النظام اليعقوبي Jacobinisme الفرنسي القائم على إقصاء عامل التنوع، بجانب ازدواجية الدولة بين ما هو تقليداني وما هو حداثي وعصري. مما يخلق اضطرابا هوياتيا لدى المواطن المغربي.
  • علينا الحرص اليوم على بناء هوية تعددية، والانتقال من مستوى الأحادية إلى مستوى التعددية، وتبني مفهوم جديد للمواطنة المشاركاتية، انطلاقا من مبادئ أساسية:

1-  المساواة بين اللغتين الوطنيتين في الإمكانيات والوسائل والاعتمادات

2-  مبدأ الشمولية في النظرة للثقافة واللغات الوطنية، ومن ضمنها على الصعيد التشريعي مراجعة القوانين التنظيمية التي جاءت قبل القانون التنظيمي للأمازيغية لملائمتها. (12 قانونا تنظيميا علينا    ملائمتها في هذا الإطار)

3-  مبدأ التعميم

  • إن قراءة التجارب الدولية في مجال التنوع اللغوي، وخصوصا منها النموذج السويسري أو الجنوب إفريقي أو الاسباني أو الهندي… وغيره لا يمكن أن يخفي أننا في الحالة المغربية أمام تجربة منفردة
  • فوضعنا اللغوي متميز، وعلينا تدبيره بشكل متميز، من خلال إبداع نموذج مغربي صرف مبني على وضع ثقافي وهوياتي منسجم ومتكامل ومتراص على قاعدة المميزات الخمسة للهوية المغربية:

وهذا التنوع بأبعاده الخمسة لا يمكنه أن يخدم الهوية المغربية إلا إذا كنا أولا فخورين بأصالتنا وبــجذورنا.

ولن يفيدنا هذا التنوع الثقافي واللغوي إلا إذا وظفناه توظيفا إيجابيا في إحياء وتعزيز القيم المتكاملة، اعتمادا على القيم الحاضنة للفعل الثقافي وفي مقدمتها: المواطنة، السعي إلى المعرفة وحسن تداولها، الحرية، التعايش، الحوار، التضامن والاندماج.

والهدف هو: خلق تراكم فكري وترصيد ثقافي وإبداعي وطني مشترك من منظور أن إن التنوع الثقافي واللغوي هو من المميزات  الإيجابية للمجتمعات المعاصرة، حيث تتمازج وتتداخل اللغات والثقافات.

لأن فكرة الثقافة الخالصة والصافية وهــم وسراب، باعتبار أن التنوع هو من طبيعة المجتمعات الحية.

فالتعددية الثقافية سمة ثابتة من سمات المجتمعات المعاصرة، والخطر يكمن في تهميش أو عدم الاعتراف بهذا التنوع اللغوي والثقافي أو تدبيره بصورة غير عادلة أو غير منصفة أو غير ديمقراطية..

ولمزيد من التفاصيل: يمكنكم الاطلاع على العرض المقدم على هامش تنظيم المعرض الدولي للكتاب

حول

الأمازيغية والمغرب الثقافي









الرجاء من السادة القراء ومتصفحي الموقع الالتزام بفضيلة الحوار وآداب وقواعد النقاش عند كتابة ردودهم وتعليقاتهم. وتجنب استعمال الكلمات النابية وتلك الخادشة للحياء أو المحطة للكرامة الإنسانية، فكيفما كان الخلاف في الرأي يجب أن يسود الاحترام بين الجميع.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الموقع الرسمي للمستشار البرلماني عبداللطيف أعمو © www.ouammou.net © 2012