?>

البعد الاستراتيجي والمغاربي للحكم الذاتي في الصحراء المغربية

tiznit
 عرف المغرب في السنوات الأخيرة دينامية عامة وعميقة في تحوله السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي تعتمد مقاربة شمولية تشاركية ديمقراطية تنخرط في مسار استراتيجية المصالحة والإصلاح وفي إطار نهج ديمقراطي مغربي بمواصفاته الكاملة وبأبعاده الوطنية والدولية.نهج ديمقراطي استقر على إجماع الأمة على نظام ملكي دستوري ديمقراطي حداثي، يقر بتقاسم القيم الكونية والحفاظ على الهوية المغربية الأصيلة ومرجعية لا تتعارض مع القيم والمبادئ التي أقرتها الأمم المتحدة في شتى المجالات، انطلاقا من إيمان بلادنا بتشابه القيم وتقاسمها بين الشعوب من خلال علاقات تكاملية واجتذابات حضارية يسود فيها التسامح والتعاون والتضامن. هذا النهج الديمقراطي الذي أفرز من خلال تعميقه طيلة السنوات الأخيرة عدة آليات، تجلت بالخصوص في إصلاح المؤسسات وتطوير التشريع واعتماد فصل السلط والمفهوم الجديد للسلطة. كل ذلك يتبلور باستمرار عبر مواقف السلطات العمومية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وسلطة الإعلام المتحرر. هذه الأدوات التي أفرزها التطور الحاصل ودفعها للاشتغال نحو العناية بكل مناحي الحياة على أساس المشاركة الفعلية والتعبئة المستمرة والمنافسة الإيجابية، آخذة بعين الاعتبار أن الحرية والمبادرة تخضع هي الأخرى إلى حكم الطبيعة التي لا تقبل الفراغ.

 

لقاء حزب التقدم والاشتراكية بأكادير

قضية الصحراء : تطورات القضية الوطنية واشكالية الحكم الذاتي.

السبت 16 يونيو 2007 بأكادير.

فالمقاربة الشمولية التي يدعو إليها هذا المنهج الديمقراطي شملت الجانب السياسي والحقوقي والجانب الاقتصادي والاجتماعي. كما شملت الجانب الأمني بجميع تقاطعاته والجانب الروحي بجميع مستوياته بما فيه الجانب الديني، وذلك من خلال قاعدة تقاسم الأدوار لتشمل كل الحقوق الأساسية المدنية منها والسياسية وحقوق الأفراد والجماعات وحق التعبير في إطار مغربي موحد يكفل لكل التيارات ويضمن لكل التعابير الحق الكامل في الوجود ويوفر لها التمتع بكل الامكانيات والأدوات التي تعزز النهج الديمقراطي التشاركي المغربي، وبالخصوص في التطورات التي عرفها مجال حقوق الانسان وحقوق المرأة والحقوق اللغوية والثقافية والأمازيغية والوحدة الترابية والتنمية البشرية والمقاربات الجهوية.

ساهم هذا النهج بشكل واضح في بلورة مقترح الحكم الذاتي بصيغة مغربية ديمقراطية أصيلة، شاركت في وضعه كل الأحزاب السياسية وممثلو القبائل الصحراوية ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني في أوسع مساحات التعبئة ذات الطابع الشمولي والتشاركي. ويبدو من خلال ذلك أن اقتراح الحكم الذاتي لم يعد مجرد فكرة وحدة ترابية، بل تجاوز هذا الحد ليصبح منتوجا مغربيا رائدا لبناء المملكة على أسس جديدة، يمكن أن يفيد أقطار منطقة المغرب العربي في تصور استراتيجي شمولي يضمن استقرار المنطقة ويوفر شروط التعاون لشعوبها ويضمن تقاسم قيمها، ويؤسس للتضامن الجهوي الواسع والمنفتح على دول الجنوب في الساحل وغرب افريقيا.

وهو بالتالي أداة ونداء لاقرار المصالحة بين مكونات المغرب العربي. ولا شك أن لهذا النموذج ارتباط بالدور التاريخي للمغرب في هذه المنطقة، وبشرعية تبني مقاربة واعية بالأخطار المحدقة، وما تفرضه من استعجال في بلورة الحلول الشمولية لمشاكل المنطقة.

إن مخاطر التطرف التي أصبحت تتوسع لتشمل منطقة دول الساحل وما جاورها، حيث اتخذ شمال مالي مركزا لانتشار قواعد متنقلة يصعب التحكم فيها أمنيا، إضافة إلى ما يجوب هذه الناحية من مهربي الأسلحة والمخدرات ومهربي البشر، تكاد أن تشمل كل دول المنطقة، حيث أصبحت مركزا لتصدير المقاتلين والسلفيين ولتصدير الارهاب.

وحسب تقارير مراكز المخابرات المختلفة، فإن عمليات استقطاب المتطوعين وتكوينهم، تقوم بها شبكات إرهابية تعمل على استخدام السلاح والمتفجرات وكذا استعمال المواد السامة، تم إيقاف العديد منها في مختلف المناطق.

كل هذا يمثل تهديدا لاستقرار دول المنطقة برمتها ويلقي عليها مسؤوليات أمنية جسيمة لضمان استقرارها، والمغرب شعر بدوره التاريخي والسياسي، فأقدم بكل جرأة على تقديم مقترح جاد يرمي من خلاله إلى إزالة بؤر التوثر والمساهمة في تقديم الحلول الشمولية الضرورية تهم كل دول المنطقة، حلول بجميع مضامينها الحقوقية والاقتصادية والسياسية والثقافية، دون إغفال الحلول المرتبطة بالتنمية وحق السكان في المشاركة وتسيير أمورهم بأنفسهم.

بدون شك أن مقترح الحكم الذاتي يستدعي تكثيف الجهود تجاه كل دول المنطقة، لأن الأمر يتعلق بأمنها، هذا الأمن الذي بدونه لا يمكن بناء المنطقة المغاربية الممتدة نحو دول الساحل ودول غرب افريقيا.

وأن الأصداء الايجابية التي تلقتها الحملة التعريفية بمقترح المغرب، لأكبر دليل على أن نموذج ربط الديمقراطية وحقوق الانسان بالتنمية البشرية وإشكالية الأمن، لهو النموذج الأولى بالتأييد والتشجيع، ويشكل بديلا حضاريا لمعالجة الاشكالية الأساسية للمنطقة لفائدة جميع دولها وشعوبها، وما يمثله من حماية وتصدي لمواجهة النماذج التي تغذي إيديولوجية اليأس وتصدر العنف وتنشر الإرهاب والفتن.

نشر بجريدة بيان اليوم الصفحة الأولى عدد 5105 الأربعاء 28 مارس 2007









الرجاء من السادة القراء ومتصفحي الموقع الالتزام بفضيلة الحوار وآداب وقواعد النقاش عند كتابة ردودهم وتعليقاتهم. وتجنب استعمال الكلمات النابية وتلك الخادشة للحياء أو المحطة للكرامة الإنسانية، فكيفما كان الخلاف في الرأي يجب أن يسود الاحترام بين الجميع.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الموقع الرسمي للمستشار البرلماني عبداللطيف أعمو © www.ouammou.net © 2012